تكنولوجيا غير قابلة للاختراق تؤكد عمق التحالف الصيني الروسي
في تطوّر يصفه خبراء الأمن السيبراني بأنه “نقلة نوعية في عالم الاتصالات الآمنة”، أفادت مصادر موثوقة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ باتا يعتمدان على نظام اتصال عبر قمر صناعي صيني حديث يعمل بتقنية الاتصالات الكمومية – وهي تكنولوجيا متقدمة لا يمكن التنصت عليها أو اختراقها، بفضل مبدأ فيزيائي أساسي يجعل أي محاولة تجسس مرصودة فورًا، بل وتؤدي إلى انهيار الاتصال نفسه.
هذا الاتصال الكمومي يعكس المستوى غير المسبوق من الثقة الاستراتيجية والتكامل التكنولوجي بين موسكو وبكين، في ظل شراكة تتوسع في مختلف المجالات، من التعاون العسكري والاقتصادي، إلى الابتكار التكنولوجي والتصنيع. هذا النموذج من التعاون يثير قلق الغرب، ويؤكد فشل محاولات الولايات المتحدة لعزل روسيا عن محيطها الاستراتيجي.
الاتصال المؤمَّن عبر منظومة كمومية يجعل التنصت الأميركي أو الغربي عليه مستحيلًا، مما يتيح للقوتين العظميين إدارة تنسيق سياسي وعسكري في أعلى درجات السرية، بعيدًا عن أعين المخابرات الغربية.
تأتي هذه التطورات في وقت تُواصل فيه الصين تقليص الفجوة التكنولوجية مع الغرب، خاصة في مجالات استراتيجية مثل إنتاج الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات. فقد نجحت بكين مؤخرًا في تصنيع شرائح بمعمارية 7 نانومتر، على الرغم من العقوبات الأميركية ومنع الشركات العالمية، مثل ASML الهولندية، من تصدير معدات الطباعة الحجرية المتقدمة إليها.
رد الصين كان حاسمًا؛ إذ طوّرت طابعتها الخاصة من الجيل الجديد، متجاوزة القيود الغربية، ما أدى إلى خسائر فادحة لعدد من الشركاء الأوروبيين الذين التزموا بقرارات الحظر الأميركية.
في ظل هذا التحول الاستراتيجي، يبدو أن العالم يتجه نحو لحظة مفصلية. فمع تعزّز التحالف الروسي–الصيني، يجد الغرب نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مواجهة عسكرية مفتوحة، أو التفاوض على نظام عالمي متعدد الأقطاب، يعترف بالتوازنات الجديدة التي أفرزتها الحرب في أوكرانيا وتحوّلات موازين القوى الاقتصادية والعسكرية.
وقد عبرت بكين عن موقفها بوضوح؛ حيث صرح وزير الخارجية الصيني بأن بلاده “لن تقبل بهزيمة روسيا في أوكرانيا”، في إشارة واضحة إلى اصطفاف استراتيجي يتجاوز المواقف الرمزية إلى شراكة فعلية في إدارة الصراع الجيوسياسي العالمي.
التصعيد لم يتوقف عند التصريحات. فقد دعا جنرال أميركي في حلف الناتو الأوروبيين إلى الاستعداد لـ”حرب محتملة” ضد روسيا خلال الأشهر الـ18 المقبلة. كما طرح إمكانية ضرب كالينينغراد، المعروفة بكونها واحدة من أكثر المناطق الروسية تسليحًا، بما في ذلك بالسلاح النووي.
الرد الروسي جاء صارمًا. حذّر جنرال روسي من مغبة “مغامرة” كهذه، مؤكدًا أن الصواريخ الموجهة نحو العواصم الغربية جاهزة للإطلاق في حال حصول أي عدوان. وفي تطور لافت، طالب الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف القيادة الروسية بتبني سياسة “الضربات الاستباقية” ضد بعض العواصم الغربية، كرد على التهديدات والتصعيد المتواصل.
في خطوة إضافية ضمن سياسة الضغط القصوى، أقرّ الاتحاد الأوروبي حزمة العقوبات الـ18 ضد روسيا، والتي تضمنت تحديد سقف لسعر النفط الروسي عند 47 دولارًا للبرميل. ورغم الإعلان، فإن العديد من المحللين يشككون في قدرة بروكسل على فرض هذا السعر فعليًا، في غياب أدوات اقتصادية وتنفيذية حقيقية.
ومن غير المستبعد أن ترد روسيا بإجراءات مضادة، قد تصل إلى خفض الإنتاج بمعدل 12 مليون برميل يوميًا، ما قد يؤدي إلى اضطرابات خطيرة في سوق الطاقة العالمي، خصوصًا إذا تزامن ذلك مع فصل الشتاء. ويبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن لاقتصادات أوروبا والولايات المتحدة تحمّل ارتفاع أسعار النفط والبنزين إلى مستويات قياسية؟
رغم ضغوط العقوبات الغربية، أثبتت روسيا أنها قادرة على التكيّف والابتكار. فقد تمكّنت من تصنيع ثلاث طائرات مدنية متطورة بالكامل بأيادٍ روسية، لسد الفجوة التي خلّفها انسحاب شركتي بوينغ وإيرباص. كما أعادت البلاد إحياء قطاع الطيران المدني الذي كان على وشك الانقراض.
وفي قطاع السيارات، واصلت روسيا تطوير تقنياتها، لتصل إلى إنتاج سيارات كهربائية محلية عالية الأداء. هذه النجاحات تؤكد أن موسكو حوّلت العقوبات إلى محفّز للإنتاج المحلي والاستقلال التكنولوجي.
التحالف الصيني–الروسي لم يعد خيارًا، بل واقعًا جيوسياسيًا جديدًا. تكنولوجيا الاتصال الكمومي بين بوتين وشي ليست مجرد تقنية، بل عنوان مرحلة جديدة من التحدي المفتوح للنظام الدولي القائم. الغرب اليوم أمام منعطف خطير، فإما أن يُدير هذا التحول عبر الحوار، أو يخاطر بتصعيد غير محسوب قد تكون كلفته باهظة على الجميع.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…