‫الرئيسية‬ الأولى «حشود الموت»… رواية تحوّل الوجع الفلسطيني إلى فعل مقاومة بالكلمة
الأولى - فنون وثقافة - ‫‫‫‏‫أسبوعين مضت‬

«حشود الموت»… رواية تحوّل الوجع الفلسطيني إلى فعل مقاومة بالكلمة

«حشود الموت»… رواية تحوّل الوجع الفلسطيني إلى فعل مقاومة بالكلمة
صدرت حديثًا عن دار تدوينة للنشر والتوزيع رواية جديدة للكاتبة الجزائرية بسمة زاير بعنوان «حشود الموت» (2025)، وهي عمل أدبي يندرج ضمن أدب المقاومة والأدب الإنساني الواقعي، يستعيد الوجع الفلسطيني بلغةٍ تنبض بالحياة وسط الموت، ويحوّل المأساة اليومية إلى شهادة فنية صادقة على صمود الإنسان في وجه الفناء.

تقع الرواية في 184 صفحة من السرد المكثف الذي يجمع بين الحس الأدبي العميق والواقعية القاسية، وتقدّم نصًا يُعيد للأدب صوته الإنساني في توثيق المعاناة الفلسطينية بعيدًا عن الخطاب السياسي المباشر. تنطلق الأحداث من قلب الدمار، في مدنٍ فقدت ملامحها تحت الحصار، لكنها ما تزال تنبض بإرادة الحياة. بين أصداء القصف ورائحة الركام، ترسم الكاتبة لوحات إنسانية آسرة: طفل يبحث عن لعبته تحت الأنقاض، أمّ تزرع وردةً على حافة الخراب، وشهيد يبتسم في ذاكرة من أحبّوه. تلك التفاصيل الصغيرة تتحوّل، في قلم بسمة زاير، إلى رموز كبرى للمقاومة والصمود، فتغدو الرواية وثيقة أدبية تحفظ ما تعجز نشرات الأخبار عن قوله.

لا تتعامل بسمة زاير مع الحرب كحدثٍ سياسي فحسب، بل كجرحٍ إنسانيٍّ يتجاوز الجغرافيا والزمن، جرحٍ يعرّي هشاشة البشر وقوة إصرارهم على البقاء. ومن خلال شخصياتها، تكشف الكاتبة الجانب النفسي العميق للمعاناة، وتُظهر كيف يمكن للحياة أن تُزهر من تحت الرماد. بأسلوبها الذي يمزج بين الرمز والواقعية والشاعرية المكبوتة، تجعل الكاتبة القارئ يعيش التجربة الفلسطينية من الداخل، كأنه يلمس التراب، ويشمّ الغبار، ويسمع نبض الخوف والأمل في آنٍ واحد.

الرواية ليست مجرد توثيق للألم، بل صرخة أدبية ضد النسيان. فهي تضع الكلمة في موضع الفعل، وتجعل من الكتابة شكلاً من أشكال المقاومة. فالمقاومة في «حشود الموت» لا تقتصر على السلاح، بل تمتد إلى الذاكرة، إلى الحرف، إلى إصرار الإنسان على أن يبقى حيًّا رغم كل ما يدعوه إلى الفناء. الكاتبة تبرع في جعل اللغة نفسها تقاوم، إذ تتحول الجمل إلى خنادق من الضوء وسط العتمة، وتصبح الرواية بأكملها مرثية للأرض والكرامة، وبريقًا خافتًا من أملٍ لا ينطفئ.

العمل يمتاز بلغةٍ شاعرية مكثفة، متينة البناء، تتنقل بين السرد الواقعي والانفعال الرمزي دون أن تفقد صدقها. فـ«حشود الموت» ليست عن الموت كما يبدو من العنوان، بل عن الحياة التي ترفض أن تنتهي. هي حشود من الحكايات، من الأرواح التي قاومت، من أصواتٍ ما زالت تتحدى الصمت.

الكاتبة بسمة زاير تُعدّ من الأصوات الأدبية الصاعدة في المشهد الجزائري، وقد عُرفت بقدرتها على المزج بين الوجدان الإنساني والوعي الفكري، وباهتمامها العميق بقضايا الإنسان العربي في أبعاده النفسية والاجتماعية والسياسية. ترى في الأدب وسيلةً للمقاومة الفكرية، ومنبرًا لإعادة تعريف الوعي بالإنسان والكرامة.

وسيكون للقارئ موعد مع هذا العمل اللافت خلال الصالون الدولي للكتاب بالجزائر (سيلا)، المقرر في 3 نوفمبر 2025، حيث ستُعرض الرواية في الجناح المركزي لدار تدوينة للنشر والتوزيع.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

رواية «أهداب الصبح» لوفاء خالد… شهادة أدبية على وجع جيل وحلم وطن

تقدّم الكاتبة الجزائرية وفاء خالد في روايتها الأولى «أهداب الصبح» عملاً روائياً يقترب من ب…