خريطة سياسية يتصدرها التيار الوطني
بعد الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات الرئاسية من طرف المحكمة الدستورية، التي كشفت عن تلاعبات خطيرة وفضائح تتعلق بسلطة شرفي، والتي أسفرت عن تهميش أكثر من 6 ملايين صوت، توضح الآن معالم الخريطة السياسية الجزائرية. هذه الفضيحة تعد الأخطر التي شهدتها الجزائر منذ استقلالها.
عند تحليل أرقام المصوتين، التي تجاوز عددهم 11 مليون جزائري، نجد أن حوالي 8 مليون منهم صوتوا للرئيس الفائز عبد المجيد تبون. هذا يظهر بوضوح أن التيار الوطني الذي يقوده تبون، منذ انتخابه رئيساً في عام 2019، لا يزال الأقوى على الساحة السياسية، بل لقد تعززت قوته في بداية العهدة الثانية، وأصبح يشكل قلب النظام السياسي الجزائري. تعود قوته إلى إعادة توجيه السياسة الجزائرية منذ 2019 باتجاه الدفاع عن المصلحة الوطنية في جميع المجالات، بدءاً بإعادة بناء قطاع الصناعة الذي دمره أويحيى وبيعه للخواص بأسعار رمزية، وصولاً إلى جذب المليارات من الاستثمارات لتطوير الاقتصاد الوطني، وإعادة إحياء المشاريع الكبرى التي توقفت بعد وفاة الراحل هواري بومدين. كما عمل الرئيس على تفعيل وتنشيط القطاع الفلاحي عبر توسيع المساحات المزروعة وتكريسها للزراعات الأساسية التي تضمن الأمن الغذائي للجزائريين مثل القمح والذرة والبقوليات.
هذه السياسة الوطنية تجسدت في الكتلة الكبيرة التي صوتت لصالح الرئيس عبد المجيد تبون، الذي حقق فوزاً مستحقاً واعترافاً دولياً غير مسبوق، وتلقى التبريكات والتهاني من مختلف بلدان العالم. هذا النجاح أعطى رؤية واضحة للكتل السياسية في الداخل الجزائري، وأصبحت الكتلة الوطنية هي الأكبر والأهم، مما يستدعي تطويرها وتأطيرها لضمان قيادة الجزائر مستقبلاً، واستقرارها، والحفاظ على التوجه التنموي الوطني، ومنع سقوط الجزائر في أيدي من أساءوا إليها لمدة 20 سنة، ودمروا اقتصادها وأهدروا قدراتها.
التيار الوطني هو الضامن الحقيقي للاستمرارية وبقاء الجزائر كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في أوقات السلم أو الشدة والأزمات. ورغم أن الرئيس تبون أكد في عدة تصريحات أن العهدة الثانية ستكون اقتصادية، وهو أمر جيد، إلا أن العمل السياسي لإعادة تنظيم التيار الوطني مهم جداً، خاصة وأن الانتخابات الرئاسية أظهرت بوضوح تفوقه. حتى الجزائريون الذين لم يصوتوا لا يمكن إخراجهم من هذا التيار بسهولة، حيث صوت الإسلاميون بكثرة كما هو معتاد، ولكنهم لم يتجاوزوا المليون صوت. كما ظهر أن عدد أصوات اليسار التقليدي، الذي يمثله حزب الأفافاس المنخرط في الأممية الاشتراكية، لم يصل إلى مليون ناخب، رغم الخطاب الوطني المتميز للسيد يوسف أوشيش.
المنتقدون لنتائج الانتخابات لم يتجاوزوا ترديد الانتقادات التي تروجها الصحافة الفرنسية، وافتقروا إلى اجتهادات لتفسير النتائج، واكتفوا بكليشيهات لا علاقة لها بالواقع، مثل اعتبار من لم يصوتوا كحراك جديد، مما يدل على عجز في الفهم وفي قراءة تاريخ الانتخابات.
لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…