وجّه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خطابًا إلى الأمة أمام البرلمان بغرفتيه، أكد فيه التزامه بمخاطبة الشعب الجزائري عبر ممثليه المنتخبين، معتبرًا أن هذا النهج يجسد الإرادة السياسية التي اختارتها الدولة ولن تحيد عنها. وأوضح رئيس الجمهورية أن التواصل مع الجزائريين من خلال البرلمان يندرج ضمن الالتزامات التي تعهد بها منذ أن نال ثقة الشعب، ويعكس احترام المؤسسات الدستورية ودورها المحوري في الحياة السياسية.

وأشاد الرئيس تبون بالحركية التي يشهدها البرلمان بغرفتيه، مؤكدًا أن العمل المؤسساتي الجاد يمثل ركيزة أساسية في مسار الإصلاحات التي باشرتها الدولة. كما شدد على أن خدمة مصالح الشعب ستظل الهدف الأسمى، وأن الصعوبات أو محاولات التشويش، سواء من الداخل أو الخارج، لن تثني السلطات العمومية عن مواصلة مسارها.

وفي الشق السياسي، جدد رئيس الجمهورية التزامه بإطلاق حوار سياسي مع الأحزاب، مذكرًا بأنه سبق أن تعهد بذلك من نفس المنبر، وأعاد التأكيد عليه خلال لقاءاته مع عدد من رؤساء الأحزاب السياسية. وأوضح أن الشروع في هذا الحوار سيكون مباشرة بعد مصادقة البرلمان على قانون الأحزاب، مشددًا على أن الحوار سيكون جديًا وبناءً، وأن كل ما يتم الاتفاق عليه مع التشكيلات السياسية سيتم تطبيقه على أرض الواقع.

كما أكد رئيس الجمهورية أن العدالة ستكون بالمرصاد لكل أشكال الفساد، مجددًا التزام الدولة بحماية إطاراتها النزهاء، ومواصلة محاربة الممارسات التي تسيء إلى مؤسسات الجمهورية أو تعرقل جهود التنمية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أثنى الرئيس تبون على النتائج التي حققتها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، معتبرًا أنها تعكس التحسن التدريجي في مناخ الأعمال. وكشف أن مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام بلغت حاليًا نحو 10 بالمائة، مع طموح لرفع هذه النسبة إلى ما بين 12 و13 بالمائة في المرحلة المقبلة.

وفي قطاع الصحة، أعلن رئيس الجمهورية أن تغطية الأدوية المنتجة محليًا للسوق الوطنية بلغت 82 بالمائة، وهو ما سمح بتوفير قرابة 200 مليون دولار، مع نهاية سنة 2025، مؤكدًا أن هذا الإنجاز يندرج ضمن سياسة تقليص فاتورة الاستيراد وتعزيز الإنتاج الوطني.

وتطرق الرئيس تبون إلى المشاريع الاستراتيجية الكبرى، مشيرًا إلى أن الجزائر جسدت حلم بناء اقتصاد قوي قائم على استغلال ثرواتها المنجمية، حيث يُرتقب أن يصبح منجم غارا جبيلات ثالث أكبر منجم في العالم. وأعلن في هذا السياق أن أول قطار منجمي سيصل إلى وهران نهاية شهر جانفي المقبل، في خطوة تعكس تقدم الأشغال في هذا المشروع الهيكلي.

كما كشف رئيس الجمهورية عن مخطط طموح لرفع إنتاج الفوسفات خمس مرات، من 1.5 مليون طن حاليًا إلى 10 ملايين طن، مع السعي لإيصال الفوسفات إلى مدينة عنابة مع نهاية سنة 2026، بما يعزز مكانة الجزائر في هذا المجال ويدعم تنويع الاقتصاد الوطني.

ويأتي هذا الخطاب في سياق وطني يتسم بتسريع وتيرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية، حيث أكد رئيس الجمهورية مرة أخرى أن الدولة ماضية في مسارها، مستندة إلى الشرعية الشعبية، والعمل المؤسساتي، والحوار كخيار ثابت لبناء جزائر قوية ومستقرة.