‫الرئيسية‬ الأولى قرار الصحراء الغربية.. الجزائر توضح خلفيات عدم المشاركة في التصويت
الأولى - الوطني - ‫‫‫‏‫17 ساعة مضت‬

قرار الصحراء الغربية.. الجزائر توضح خلفيات عدم المشاركة في التصويت

قرار الصحراء الغربية.. الجزائر توضح خلفيات عدم المشاركة في التصويت
قدّمت الجزائر، عبر ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمّار بن جامع، واحدة من أوضح مرافعاتها الدبلوماسية خلال السنوات الأخيرة، عندما أعلنت عدم مشاركتها في التصويت على مشروع القرار الأمريكي المتعلق بالصحراء الغربية، الذي اعتمده مجلس الأمن مساء الجمعة. هذا الموقف، الذي أثار اهتمام المتابعين بالنظر إلى حساسية الملف، جاء مشفوعًا بتفسير مفصّل يعكس رؤية الجزائر القانونية والسياسية لمسار التسوية الأممي في الإقليم.

فبينما اختارت ثلاث دول الامتناع عن التصويت—روسيا والصين وباكستان—فإن الجزائر اتخذت قرارًا مختلفًا يقوم على “عدم المشاركة”، وهو خيار دبلوماسي له دلالته، كما أوضحه بن جامع في خطاب قوي نُقل عن وكالة الأنباء الجزائرية.

منذ البداية، شدّد المندوب الجزائري على أن امتناع بلاده عن التصويت جاء “عن وعي ومسؤولية”، وأن الهدف منه هو التعبير الصريح عن “أخذ مسافة من نصّ لا يعكس بوفاء المبادئ الأممية في مجال تصفية الاستعمار”. فالجزائر ترى أن المشروع الأمريكي، رغم تعديله وتحسين بعض عناصره خلال المفاوضات، لا يلتزم كليًا بالمرجعية القانونية التي قامت عليها قضية الصحراء الغربية داخل الأمم المتحدة منذ إدراجها ضمن لائحة الأقاليم غير المستقلة.

وأوضح بن جامع أن جوهر الخلاف يكمن في تغييب صاحب الحق الأول: الشعب الصحراوي. فالنصّ، بحسبه، يتجاهل المبدأ الأساسي الذي قامت عليه الأمم المتحدة منذ عقود، وهو أن “تقرير مصير الشعوب الخاضعة للاستعمار ملكٌ لها وحدها”. ومع إدراج الخطة المغربية للحكم الذاتي لأول مرة في نص أممي كخيار “ممكن”، ترى الجزائر أن القرار يمنح أفضلية لاقتراح طرف واحد، على حساب التوازن الضروري الذي تقوم عليه الوساطة الأممية.

وذكّر الدبلوماسي الجزائري بأن الجهود التي بذلتها بلاده خلال المشاورات سمحت بتعديل النص الأصلي، الذي كان “أكثر انحيازًا للمغرب”، حيث جرى إدراج إشارات إلى المبادئ الأساسية للحل، وعلى رأسها تقرير المصير. كما تضمن النص دعوة الطرفين—المغرب وجبهة البوليساريو—إلى مفاوضات مباشرة “بحسن نية وبدون شروط مسبقة”.

لكن رغم ذلك، اعتبر بن جامع أن القرار “ما زال يعاني من اختلالات جوهرية”، أبرزها ما سمّاه “الإطار الضيّق للتفاوض”، الذي يعلي من شأن خيار واحد، ويقيّد القدرة على ابتكار حلول تضمن اتفاقًا متوافقًا عليه. كما انتقد عدم إدراج مقترحات جبهة البوليساريو التي قُدمت حديثًا للأمانة العامة ولأعضاء المجلس.

ولم يغفل المندوب الجزائري الإشارة إلى المخاطر القانونية والسياسية لهذا النوع من الصياغات، متسائلًا عن مآلاتها إذا ما اعتمدت في نزاعات أخرى حول العالم، في أوروبا أو آسيا أو إفريقيا، وهو ما قد يؤدي—بحسبه—إلى “شقوق خطيرة في البنيان القانوني للنظام الدولي”.

ووصف بن جامع القرار بأنه “فرصة ضائعة”، قائلاً إن المبادرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإيجاد ديناميكية سلمية في المنطقة “لم تتوفر لها الظروف الملائمة للنجاح”، بسبب غياب الإجماع وتجاهل المعطيات الأساسية للنزاع. وشدد على أن أي حلّ دائم يجب أن يكون “رابحًا للجميع، لا منتصر فيه ولا منهزم”.

موقف الجزائر، كما قدّمه سفيرها في نيويورك، يشير مرة أخرى إلى ثبات رؤيتها في اعتبار قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار في المقام الأول، وأن الحل لا يمكن أن يكون إلا نتيجة استفتاء حر يقرر فيه الشعب الصحراوي مستقبله بنفسه. كما يعكس تصميمها على عدم المصادقة على أي مسار يُنظر إليه داخليًا على أنه انحراف عن الشرعية الدولية التي تأسست عليها القضية منذ 1963.

بهذا الخطاب، وضعت الجزائر مسافة واضحة بينها وبين مشروع القرار، لكنها في الوقت ذاته حافظت على موقعها كطرف إقليمي محوري يراقب المسار الأممي ويتمسك بقواعده. وهي بذلك توجه رسالة مزدوجة: رفض الانزلاقات القانونية من جهة، والاستمرار في دعم مسار سياسي قائم على الشرعية الدولية من جهة أخرى.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

صفقة إماراتية تُضخّ 50 مليون دولار في جماعة إرهابية بمالي

كشفت وكالة رويترز الدولية، في تقرير خاص أثار صدمة واسعة، أنّ الإمارات العربية المتحدة دفعت…