‫الرئيسية‬ الأولى كارثة بيئية تهدد شمال إفريقيا بطلها “الملك المتهالك”: هل يحوّل المخزن الصحراء الغربية إلى مكب للنفايات النووية؟
الأولى - الوطني - 3 نوفمبر، 2024

كارثة بيئية تهدد شمال إفريقيا بطلها “الملك المتهالك”: هل يحوّل المخزن الصحراء الغربية إلى مكب للنفايات النووية؟

كارثة بيئية تهدد شمال إفريقيا بطلها "الملك المتهالك": هل يحوّل المخزن الصحراء الغربية إلى مكب للنفايات النووية؟
يُكشف النقاب تدريجياً عن كارثة بيئية مستترة تهدد الصحراء الغربية، إذ تتحدث تقارير بيئية وتقديرات دولية عن محاولات مستمرة لاستغلال الأراضي الصحراوية المحتلة كموقع للتخلص من النفايات الخطيرة، بما فيها النفايات النووية الأوروبية. يتورط المغرب في هذه المسألة بشكل مباشر، وفق ما تشير إليه بعض القرارات والسياسات المشبوهة التي تصدر عن السلطات المغربية، وتفيد بإمكانية توريد كميات ضخمة من النفايات القادمة من أوروبا. وتدقّ هذه المعلومات ناقوس الخطر حول المخاطر التي تهدد النظام البيئي الصحراوي وتهدد صحة السكان المحليين بأضرار جسيمة طويلة الأمد.
البداية.. تقرير إيطالي

أصدرت جمعية “ليغامبيانتي” البيئية الإيطالية تقريراً يسلط الضوء على واقعة إلقاء حوالي 600 ألف طن من النفايات النووية في مياه المحيط الأطلسي بالقرب من السواحل الصحراوية. وتثير هذه المعلومات عدة تساؤلات حول دور المغرب في هذه العملية، وما إذا كانت الأراضي الصحراوية قد أصبحت بالفعل أرضاً يتم استغلالها لتكون ملاذاً لهذه النفايات الخطيرة. وتتهم الجهات البيئية النظام المغربي بالتواطؤ الواضح مع قوى خارجية، تشمل الدول الأوروبية، منها فرنسا، التي تسعى بجدية للتخلص من نفاياتها النووية دون المساس بأراضيها أو الإضرار بمواطنيها، فتسعى لإلقاء هذه المواد الخطيرة بعيداً عن أنظار مجتمعاتها.

تواطؤ مغربي وتحركات مشبوهة لدفن النفايات في الصحراء الغربية

وتشير تقارير صحفية مغربية إلى سلسلة من القرارات المغربية الغامضة التي يبدو أنها تسعى لتحقيق أجندات خارجية. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية عن استيراد مليون طن من النفايات الأوروبية. ومن المثير للجدل أن المغرب لم يقدم حتى الآن أية تفاصيل كافية حول طبيعة هذه النفايات أو درجة خطورتها، مع العلم بأن المغرب يعاني أصلاً من ضعف كبير في معالجة النفايات المحلية. ويثير هذا الغموض قلقاً واسعاً في أوساط البيئيين، الذين يرون في هذه الخطوة مدخلاً محتملاً لاستغلال الأراضي الصحراوية كمكب للنفايات النووية وغيرها من المواد الخطيرة.

وتساءلت جمعيات بيئية محلية ودولية عن السبب وراء استيراد كميات هائلة من النفايات، متسائلة عن القدرات المحدودة للمغرب في إعادة تدوير النفايات المحلية الخاصة به، مما يجعل إمكانية التعامل مع نفايات أوروبية ضخمة أمراً مثيراً للريبة. وتشكك هذه الجهات بأن الأراضي الصحراوية هي المستهدفة لدفن هذه النفايات، وأن السلطات المغربية تغضّ الطرف عن هذا النشاط من أجل تحقيق مصالح اقتصادية وسياسية قصيرة المدى، دون أي اعتبار للأضرار الكارثية على الأجيال المقبلة.

غياب الشفافية حول التلوث البيئي على الساحل الأطلسي

في تطور موازٍ، تفجرت فضيحة بيئية أخرى داخل الأراضي المغربية، حين أعلنت السلطات المغربية عن اتخاذ “إجراءات طارئة” بعد اكتشاف بقع سوداء ضخمة على سواحل مدينة المحمدية (وسط البلاد) على المحيط الأطلسي. وأفادت السلطات أن مصدر هذه البقع السوداء هو محطة طاقة حرارية بمدينة المحمدية، وهي إحدى أكبر المحطات الحرارية في البلاد، وتشرف عليها مؤسسة عمومية معروفة باسم “المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب” (ONEE).

وقد أدت هذه الكارثة البيئية إلى توجيه انتقادات شديدة من قبل السكان المحليين، الذين نشروا مقاطع فيديو توثق انتشار التلوث بشكل واسع، مما يهدد صحة المواطنين ويضر بجودة الهواء في المنطقة. ومن الجدير بالذكر أن المحمدية، المعروفة بأنها وجهة سياحية بارزة خلال فصل الصيف، خاصة بين المغاربة المقيمين في الخارج، بدأت تفقد سمعتها السياحية بسبب تزايد مستويات التلوث.

وفي بيان للمكتب الوطني للكهرباء، نفى أي مسؤولية مباشرة عن تسربات المواد السوداء إلى البحر، مشيراً إلى أن هذه المواد قد تكون “رواسب جرفتها الأمواج”، إلا أن هذا التبرير لم يقنع السكان الذين واصلوا دعواتهم لتوضيح الحقائق وتقديم تفسيرات شفافة حول هذه الحادثة البيئية الخطيرة.

النفايات النووية.. تجارة مربحة

يرى الكثير من الخبراء أن هذه الأحداث لا تُعتبر حوادث فردية، بل تأتي ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى استغلال الدول النامية كملاذ آمن للنفايات النووية. وتفيد تقارير أوروبية، من بينها تقرير لجنة برلمانية إيطالية برئاسة ماسيمو سكاليا، بأن تجارة النفايات النووية تعتبر صناعة مربحة تُدرّ على بعض الدول الأوروبية مليارات الدولارات سنوياً. ورغم أن العديد من الدول الأوروبية تتبع إجراءات صارمة في إدارة نفاياتها النووية داخل حدودها، إلا أن هذه الدول تلجأ إلى التصدير السري للنفايات نحو البلدان المتنازع عليها، التي غالباً ما تتسم بضعف الرقابة والشفافية، ما يجعلها هدفاً مغرياً لهذه الصناعة المشبوهة.

ويطرح المغرب، في هذا السياق، مثالاً واضحاً عن دولة أصبحت رهينة لمصالح خارجية، حيث سمحت السلطات المغربية بتحويل أراضٍ محتلة إلى مكب لنفايات خطيرة، قد تمتد آثارها على مدى أجيال قادمة، لتزيد من تعريض صحة المواطنين المحليين للخطر وتفاقم من تدهور البيئة.

الأطماع الفرنسية الجديدة في الصحراء الغربية

تأتي فرنسا في مقدمة الدول المتورطة في الترويج لاستغلال الصحراء الغربية كموقع للتخلص من النفايات النووية، خاصة بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2022 عن تعزيز الاعتماد على الطاقة النووية كخيار استراتيجي لفرنسا. وتطرح هذه السياسة تساؤلات واسعة حول مصير النفايات النووية الفرنسية في المستقبل، في ظل تاريخ فرنسا الطويل في استغلال الأراضي الصحراوية لإجراء تجارب نووية خلال الحقبة الاستعمارية، كما فعلت في الصحراء الجزائرية سابقاً.

وتظهر نوايا فرنسا تجاه الصحراء الغربية بوضوح من خلال خطواتها السياسية والاقتصادية المتلاحقة، ويشير بعض الخبراء إلى أن فرنسا ترى في هذه الأراضي النائية حلاً آمناً للتخلص من نفاياتها النووية، بعيداً عن أراضيها وأعين مواطنيها، دون مراعاة لآثار هذه الممارسات على البيئة وسلامة السكان المحليين.

دعوات عاجلة للتحرك الدولي وحماية الأراضي الصحراوية

في ظل هذه الممارسات المتكررة والمخاوف المتزايدة، تطالب جمعيات حقوقية وبيئية محلية ودولية المجتمع الدولي بالتدخل بشكل عاجل لإيقاف هذا الاستغلال غير المبرر للأراضي الصحراوية. إن استمرار المغرب في استيراد كميات هائلة من النفايات الأوروبية، مع غياب الشفافية وعدم تقديم تفسيرات حول استخدام هذه النفايات، يعتبر تهديداً بيئياً مباشراً يتطلب مساءلة عاجلة.

على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان أن تضغط على المغرب والدول الأوروبية المتورطة، لمحاسبة الأطراف التي تتجاوز الضوابط البيئية العالمية. وتشكل هذه المطالب نداءً دولياً للمجتمع البيئي الدولي للتحرك من أجل منع المغرب من تحويل الأراضي الصحراوية إلى مكب للنفايات، بما فيها النفايات النووية، من أجل حماية النظام البيئي والحفاظ على سلامة المنطقة وصحة سكانها.

تشير الدراسات البيئية إلى أن النفايات النووية تُعتبر من أخطر أنواع النفايات التي تهدد البيئة والصحة على المدى الطويل، حيث يستمر تأثيرها السلبي لملايين السنين. ويتحمل المخزن مسؤولية كبيرة في تعريض مواطني الصحراء الغربية لخطر المواد المشعة، والتي تُسبب في أسوأ الأحوال أمراضاً مستعصية قد تنتشر عبر الأجيال.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…