‫الرئيسية‬ الأولى ما هي اتفاقية فيينا التي تتهم الجزائر فرنسا بخرقها؟
الأولى - الوطني - مقالات - 26 يوليو، 2025

ما هي اتفاقية فيينا التي تتهم الجزائر فرنسا بخرقها؟

ما هي اتفاقية فيينا التي تتهم الجزائر فرنسا بخرقها؟
تشهد العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترًا دبلوماسيًا متصاعدًا، بعد أن اتهمت الجزائر السلطات الفرنسية بخرق أحكام اتفاقية فيينا المنظمة للعلاقات الدبلوماسية. يأتي هذا الاتهام على خلفية ما وصفته الجزائر بإجراءات فرنسية تهدف إلى التضييق على حركة عدد من دبلوماسييها، ومنعهم من أداء مهامهم بشكل طبيعي في الأراضي الفرنسية.

التصعيد بدأ بتصريح من المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، أشارت فيه إلى أن الوزير برونو ريتايو، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الجزائر، يعمل على تقييد ظروف تنقل بعض الشخصيات الرسمية الجزائرية في فرنسا. هذا الموقف أثار استياءً رسميًا في الجزائر، التي سارعت إلى الرد ببيان شديد اللهجة، اعتبرت فيه الخطوة الفرنسية “انتهاكًا خطيرًا لسلامة أداء البعثة الدبلوماسية الجزائرية في باريس”، مؤكدة أن ما جرى يُعد “خرقًا صريحًا” لنصوص اتفاقية فيينا الموقعة عام 1961، والتي تُعد حجر الأساس في القانون الدولي لتنظيم العلاقات بين الدول.

الجزائر، التي وقّعت على الاتفاقية في 14 أبريل 1964، وفرنسا في 31 ديسمبر 1970، تعتبر أن ما وقع يتجاوز الخلافات السياسية ليصل إلى المساس بمبادئ راسخة في الأعراف الدبلوماسية الدولية، خاصة تلك المتعلقة بحصانة الدبلوماسيين وحرية تنقلهم وسلامة المراسلات الرسمية. ففي بيانها، أعربت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية عن “الدهشة البالغة” إزاء ما وصفته بأنه قرار يقيد وصول دبلوماسييها المعتمدين إلى المناطق المحجوزة في المطارات الباريسية، المخصصة لاستلام الحقائب الدبلوماسية. وهي خطوة اعتبرتها الجزائر انتهاكًا صريحًا للمادة 27 من اتفاقية فيينا، التي تحمي الطابع السري للمراسلات الدبلوماسية وتحظر على الدولة المضيفة فتح أو تفتيش الحقائب الرسمية لأي بعثة أجنبية.

وتحديدًا، ركزت الجزائر على الفقرة السابعة من المادة المذكورة، والتي تُجيز تسليم الحقيبة الدبلوماسية إلى قائد طائرة تجارية تهبط في نقطة دخول معتمدة، على أن يتم تسليمها مباشرة إلى شخص دبلوماسي معتمد من السفارة. أي تدخل في هذه العملية من قبل الدولة المضيفة يُعد انتهاكًا لخصوصية التواصل الرسمي بين الدول.

وفي خطوة تصعيدية محسوبة، أعلنت الجزائر أنها سترد على هذا الانتهاك بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل “بصرامة ودون تأخير”، في إشارة إلى إمكانية اتخاذ إجراءات مماثلة تجاه البعثة الدبلوماسية الفرنسية في الجزائر. كما أكدت الجزائر أنها تدرس اللجوء إلى الأمم المتحدة “لضمان حماية بعثتها الدبلوماسية في فرنسا والدفاع عن حقوقها المشروعة”، ما يشير إلى أن الأزمة قد تتخذ بعدًا دوليًا إذا لم تُحل بالطرق الدبلوماسية الثنائية.

هذه الحادثة تعكس واقعًا معقّدًا في العلاقات الفرنسية الجزائرية، التي لا تزال محكومة بتاريخ ثقيل من الاستعمار، وتفاوت في الرؤى السياسية، وسوء تفاهم دائم في ملفات الهجرة، الأمن، والذاكرة الوطنية. وبينما تسعى الجزائر إلى ترسيخ مبدأ الاحترام المتبادل في علاقاتها الخارجية، فإن ما تعتبره تعدّيًا على بعثتها الدبلوماسية يمثل، في نظرها، خطًا أحمرًا لا يمكن تجاوزه دون رد.

إن اتفاقية فيينا لم توضع فقط لتنظيم الشكليات البروتوكولية، بل لضمان الحد الأدنى من الاحترام المتبادل بين الدول، حتى في أوقات الخلاف. وإذا لم يتم احترام هذه الاتفاقيات، فإن العالم سينزلق نحو فوضى دبلوماسية تضعف العلاقات الدولية وتفتح الأبواب أمام مزيد من التوترات، وهو ما تسعى الجزائر بوضوح إلى تجنبه، دون أن تقبل بالتنازل عن سيادتها وكرامتها.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…