مجلة الجيش: مخططات استهداف الجزائر تتكسر أمام تلاحم الشعب والجيش

صدرت اليوم افتتاحية جديدة لمجلة الجيش الجزائري، حملت في طياتها تأكيدًا واضحًا على أن الانتصارات الكبرى التي حققتها الجزائر عبر تاريخها لم تكن وليدة الصدفة، بل صنعتها عزيمة شعب نبيل وجيش باسل وإرادة فولاذية سعت دائمًا إلى إبقاء الصفوف الوطنية متراصة ومتماسكة. وأبرزت الافتتاحية أن الوحدة الوطنية كانت ولا تزال الركيزة الصلبة والضمانة الأكيدة لصون الوطن وتعزيز أمنه واستقراره ودفع مسيرة نهضته، معتبرة أن هذه الوحدة هي مصدر قوة الجزائر في مواجهة مختلف التحديات الداخلية والإقليمية والدولية.

وأشارت الافتتاحية، التي حملت عنوان “وحدتنا مصدر قوتنا”، إلى أن تاريخ الجزائر حافل بالمحطات الناصعة والأيام الخالدة التي صنعت مجد الأمة ورسمت معالم مستقبلها، وفي مقدمتها اندلاع الثورة التحريرية المجيدة في الفاتح من نوفمبر 1954، التي تحيي الجزائر هذا العام ذكراها الحادية والسبعين. ووصفت الافتتاحية هذه الثورة بأنها ملحمة أزلية كتبت فصولها بأحرف من ذهب وستظل محفورة في سجل التاريخ الإنساني كواحدة من أعظم ثورات التحرر في العالم، بالنظر إلى ما قدمه الجزائريون من تضحيات وما أبانوا عنه من عبقرية وإيمان عميق بعدالة قضيتهم، وإصرار منقطع النظير على استرجاع السيادة مهما كان الثمن. وأضافت أن الجزائر أنجبت رجالًا خلدوا أسماءهم في ذاكرة الأمة بأعمالهم وتضحياتهم، بدءًا من المقاومات الشعبية مرورًا بالنضال السياسي وصولًا إلى الثورة التحريرية، متحدّين غطرسة مستدمر غاشم مارس على الجزائريين أبشع صنوف القمع والتنكيل.

وتؤكد المجلة أن الاحتفال بذكرى اندلاع الثورة لا يقتصر على استحضار قيم الأسلاف ومبادئهم، بل يشكّل دعوة صريحة للسير على نهجهم واقتفاء أثرهم، إدراكًا بأن وحدتهم وتماسكهم هي التي صنعت الإنجاز التاريخي وحققت الهدف الأسمى باسترجاع السيادة الوطنية. وتشدد الافتتاحية على أن القيم نفسها ما تزال حاضرة اليوم في نفوس الجزائريين، وهو ما تجسّد في حملة التشجير الكبرى التي شهدتها البلاد في 25 أكتوبر الماضي، وشارك فيها المواطنون من كل الفئات، في رسالة قوية للعالم بأن الجزائريين جسد واحد وقلب واحد، وأن وحدتهم الداخلية هي مصدر قوتهم في مواجهة كل المخططات والمناورات التي تستهدف استقرار الوطن.

واستشهدت الافتتاحية بتصريحات رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني عبد المجيد تبون، الذي أكد أن الاحتفاء بذكرى نوفمبر هو مناسبة لتغذية الوعي الجماعي بتاريخ الأمة المجيد، وتثبيت ركائز الدولة الوطنية الصاعدة، وتحفيز الطاقات الوطنية وعلى رأسها الشباب، من أجل تعزيز حصانة البلاد في ظل الأوضاع المضطربة التي يعرفها الفضاء الإقليمي والعالمي وما يشهده من صراعات وتصدعات سياسية وأمنية.

وتبرز الافتتاحية أن الوحدة الوطنية تشكل اليوم أيضًا بوتقة الوطنية الراسخة التي ينصهر داخلها الشعب مع جيشه الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، وهو الجيش الذي صان الأمانة وحافظ على الوديعة، ووقف على الدوام خادمًا وفيًا للوطن ولشعبه الأبي. وتشيد المجلة بنموذج التلاحم الفريد بين الشعب والجيش، وهو تلاحم أثبت نجاعته في مواجهة كل التحديات التي واجهتها البلاد، خاصة في محاربة الإرهاب الهمجي الذي تمكنت الجزائر من دحره بفضل تضحيات شهداء الواجب الوطني واستبسال قواتها المسلحة.

وتنقل الافتتاحية تصريحًا للفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي أكد فيه أن تعزيز ثقة الشعب بجيشه هو حجر الأساس الذي تُبنى عليه مناعة الدولة وهيبتها، باعتبار أن هذه الثقة هي التي تجعل الجزائر عصيّة على أعدائها وعلى كل الدسائس والمناورات الخبيثة التي تُحاك ضدها. وتؤكد الافتتاحية أن من يقرأ تاريخ الجزائر بتمعن يدرك حجم التضحيات التي قدّمها الشعب لاستعادة سيادته، وهي تضحيات مستمرة اليوم بفضل أبناء الجيش الوطني الشعبي المرابطين على ثغور الوطن وعبر كامل حدوده، وهم يؤدون مهامهم بكل إخلاص ويواصلون تطوير قدرات قواتهم المسلحة، مستندين في ذلك إلى عمقهم الشعبي الأصيل وإلى وفائهم لرسالة الشهداء الذين ترفرف أرواحهم حول الوطن شاهدة على الوفاء والالتزام بالعهد.

وتختتم الافتتاحية بالتأكيد على أن الجزائر ستظل شامخة وقوية وآمنة طالما ظل فيها رجال أوفياء وشعب متمسك بوحدته، وجيش ملتزم بمهامه، يعمل بثقة وثبات على تحصين البلاد ومواجهة كل الأخطار، حفاظًا على الوديعة الغالية التي تركها الشهداء.