‫الرئيسية‬ الأولى مركز التفكير الأمريكي “أنترناشيونال كرايزيس غروب” يحذر: المغرب يبحث عن حرب إقليمية مفتوحة!
الأولى - الوطني - 7 ديسمبر، 2024

مركز التفكير الأمريكي “أنترناشيونال كرايزيس غروب” يحذر: المغرب يبحث عن حرب إقليمية مفتوحة!

مركز التفكير الأمريكي "أنترناشيونال كرايزيس غروب" يحذر: المغرب يبحث عن حرب إقليمية مفتوحة!
أصدر مركز التفكير الأمريكي “أنترناشيونال كرايزيس غروب” (International Crisis Group) تقريره رقم 247 حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، محذرًا من التوترات المتصاعدة بين الجزائر والمغرب، والتي تهدد استقرار منطقة شمال إفريقيا بأكملها. التقرير، الذي يُعتبر مرجعًا رئيسيًا لتحليل النزاعات الإقليمية، أشار إلى أن النزاع المستمر حول الصحراء الغربية يُشكل العقبة الأبرز أمام استقرار المنطقة، حيث تغذي السياسات العدوانية والممارسات الاستفزازية التصعيد بين البلدين.

يتجلى بوضوح في التقرير أن المغرب، بدعم من حلفائه الإقليميين والدوليين، يسعى لتأجيج التوترات في المنطقة من خلال تحالفات تهدف إلى بسط النفوذ وفرض الهيمنة على حساب استقرار الشعوب. الجزائر، من جهتها، تظل ثابتة في مواقفها الداعمة لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، انطلاقًا من مبادئها الثابتة القائمة على الحرية والعدالة ومناهضة الاستعمار.

قضية الصحراء الغربية، التي تُعد الجذر الأساسي للصراع بين الجزائر والمغرب، ليست وليدة اللحظة؛ بل هي امتداد لعقود طويلة من التوتر. الجزائر تعتبر أن القضية تتعلق بمبدأ دولي لا يقبل المساومة، في حين يُصر المغرب على سيادته على الإقليم، متجاهلًا بذلك الإجماع الدولي الذي يدعو إلى تطبيق حق تقرير المصير. هذا التباين الجوهري في المواقف حوّل النزاع إلى صراع طويل الأمد تجاوز البعد السياسي ليصبح تهديدًا أمنيًا دائمًا للمنطقة.

أبرز التقرير أن تطبيع المغرب لعلاقاته مع الكيان الصهيوني في عام 2020 أضاف بُعدًا جديدًا وخطيرًا للأزمة. الجزائر ترى في هذا التطبيع تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي واستقرار المنطقة، خاصة مع تعاظم التعاون العسكري بين المغرب والكيان الصهيوني. يتضمن هذا التعاون صفقات أسلحة متطورة، منها طائرات بدون طيار وأنظمة دفاعية حديثة، فضلًا عن تبادل المعلومات الاستخباراتية.

التقرير شدد على أن هذه التحالفات تُظهر بوضوح نوايا المغرب في تغيير ميزان القوى في المنطقة، وهو ما تعتبره الجزائر خطوة تصعيدية غير مقبولة دفعتها إلى تعزيز قدراتها الدفاعية كإجراء وقائي مشروع.

استهداف المغرب للجزائر من خلال برامج التجسس مثل “بيغاسوس” يُعد نموذجًا صارخًا للسياسات العدوانية المغربية. هذه الممارسات، التي أثارت غضبًا واسعًا في الجزائر، تمثل تهديدًا سافرًا للأمن القومي الجزائري وتجاوزًا للمعايير الدولية.

قرار الجزائر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في عام 2021 جاء ردًا على ما وصفته بـ”السياسات العدائية” للمغرب، خاصة بعد تطبيعه العلاقات مع الكيان الصهيوني. الجزائر رأت في هذه الخطوة استفزازًا مباشرًا يستهدف تقويض أمنها القومي، ما دفعها إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة لحماية استقرارها.

تطرّق التقرير إلى دور وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في تأجيج التوترات بين البلدين. حملات التحريض ونشر الكراهية أصبحت أدوات لتعميم العداء، مما يزيد من تعقيد الأوضاع ويُعمّق الانقسامات بين الشعبين الشقيقين.

تناول التقرير بالتفصيل الدور الأمريكي، حيث اعتبر الدعم الأمريكي للمغرب، خاصة خلال إدارة ترامب التي اعترفت بخطة “الحكم الذاتي” المغربية، انحيازًا واضحًا ضد مبادئ القانون الدولي. التقرير حذر الإدارة الأمريكية الجديدة من أن استمرار هذا الدعم قد يؤدي إلى تصعيد خطير وغير محسوب العواقب.

فرنسا وإسبانيا، بدورهما، واجهتا انتقادات في التقرير. فرنسا، التي تُعد من أبرز الداعمين للمغرب، تتبنى مواقف متناقضة تتجاهل حق تقرير المصير. أما إسبانيا، فرغم محاولاتها الظاهرية للحفاظ على الحياد، فإن دعمها الضمني للمغرب يزيد من تعقيد الأزمة ويعزز التوترات مع الجزائر.

رغم التوترات المتزايدة، أكد التقرير أن الجزائر تركز على تعزيز دفاعاتها لضمان أمنها القومي، مع الحفاظ على موقفها الثابت الذي يدعو إلى السلام القائم على العدالة واحترام سيادة الشعوب. الجزائر لا تسعى إلى التصعيد، بل تعتمد استراتيجية دفاعية محكمة تهدف إلى مواجهة التهديدات المحتملة وحماية استقرارها الداخلي.

تسعى الجزائر لتعزيز دفاعاتها العسكرية بهدف تحصين حدودها وضمان أمنها القومي. التقرير أكد أن الجزائر ليست في موقف هجومي، بل تعتمد سياسة دفاعية تُركز على مواجهة التهديدات المحتملة من المغرب، الذي تعتبره يسعى لتوسيع نفوذه في المنطقة عبر تحالفات غير متوازنة. الجزائر ترى أن حماية أمنها القومي هو أولوية قصوى في ظل التصعيد المتزايد من الجانب المغربي.

دعا التقرير الولايات المتحدة إلى مراجعة موقفها تجاه النزاع، مشددًا على أهمية إعادة تقييم دعمها غير المشروط للمغرب. وأكد أن الانحياز الأمريكي الواضح لصالح المغرب، خاصة في قضية الصحراء الغربية، يعقد الأزمة ويزيد من حدة التوترات. كما حث التقرير الإدارة الأمريكية على التخلي عن هذه السياسات، والعمل على لعب دور أكثر حيادية يدفع الأطراف المعنية إلى العودة لطاولة المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، بما يضمن احترام القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

وفيما يخص التدخلات الخارجية، شدد التقرير على ضرورة وقف التعاون العسكري بين المغرب والكيان الصهيوني، معتبرًا أن هذا التعاون يُعد من أبرز العقبات التي تحول دون حل النزاع. إذ إن صفقات الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية تُفاقم الأزمة وتُعرقل أي جهود دبلوماسية لتحقيق التهدئة. وأكد التقرير أن استمرار هذه التحالفات العسكرية يُشكل خطرًا كبيرًا على استقرار شمال إفريقيا، مما يستوجب تدخلًا دوليًا لوقف هذه الأنشطة التصعيدية.

كما دعا التقرير الدول الكبرى، مثل فرنسا وإسبانيا، إلى تبني مواقف متوازنة تعكس احترام مبادئ القانون الدولي. وشدد على ضرورة أن تعيد هذه الدول النظر في سياساتها الحالية التي تميل إلى دعم المغرب بشكل ضمني أو صريح، مما يزيد من تعقيد الوضع. وأشار إلى أن مواقفًا عادلة من هذه الدول يمكن أن تسهم بشكل كبير في تهدئة التوترات وتعزيز الحلول السلمية التي تضمن استقرار المنطقة وحقوق شعوبها.

أكد التقرير أن استقرار شمال إفريقيا يتطلب التزامًا جماعيًا من جميع الأطراف بتجنب التصعيد والعمل على تسوية سياسية شاملة. الجزائر، التي تُمثل نموذجًا في احترام سيادة الشعوب، تبقى حجر الزاوية لتحقيق هذا الاستقرار، لكنها تواجه تحديات كبيرة نتيجة التحالفات العدوانية والمواقف المنحازة التي تزيد من تعقيد الأزمة.

تحقيق السلام في شمال إفريقيا لن يكون ممكنًا إلا من خلال إرادة سياسية حقيقية وتعاون دولي يعكس احترام حقوق الشعوب واستقرار المنطقة كأولوية قصوى.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…