منصف المرزوقي… من قصر قرطاج إلى بلاط “الملك المفترس”
الزلزال الذي أحدثته مظاهرات جيل زاد 212 في المروك جعل المخزن يصرخ بأعلى صوته، ويستدعي كل داعميه للخروج العلني في القنوات والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. بعض هؤلاء تمادوا في دفاعهم عن “الملك المفترس” كما تسميه الصحافة الفرنسية، خوفًا من سقوطه المدوي.
من بين هؤلاء لفت انتباهي السيد منصف المرزوقي، الرئيس التونسي الأسبق الذي نصّبه الإخوان المسلمون في المجلس التأسيسي رئيسًا مؤقتًا لتونس، قبل أن يسقط سقوطًا مدويًا في أول انتخابات حرة، حيث حلّ في المرتبة الحادية عشرة.
نعت المرزوقي بأنه تونسي خالص أمر غير دقيق؛ فهو عاش في المروك ودرس فيها بعد أن تزوّج والده من امرأة مروكية، ليكون له سبعة إخوة غير أشقاء من أم مروكية. أي أن المرزوقي له علاقة اجتماعية وثقافية وعائلية وثيقة بمملكة “أم سيس”.
العجيب ليس في دفاع المرزوقي عن المملكة، فهذا شأنه واختياره وهو حر فيه؛ فالعبد قد يحب جلاده. لكن ما ليس من حقه هو التحدث عن التغيير في الجزائر ومصر ومحاولة إحياء حلم “الربيع العربي” الذي لم يعد مطروحًا على جدول الأعمال منذ أن غادرت “الأم” هيلاري كلينتون وزارة الخارجية الأمريكية، وغاب الديمقراطيون عن البيت الأبيض. فقد كان “الربيع العربي” مشروعهم، لكنه سقط وسقط معه الكثير، ودمرته حركية الشعوب ووعيها.
لا أحد يجادل في كراهية منصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق المعيّن من الإرهابي راشد الغنوشي، لكل من الجزائر ومصر اللتين أفشلتا مشروع الخراب العربي. المرزوقي يتمنى لهما الشر والدمار، ونعرف ذلك جيدًا منذ أن جلس على كرسي قصر قرطاج.
هذا السياسي الفاشل لا يدرك أن مملكة المروك، بممارساتها القادمة من القرون الوسطى، أصبحت مصدر إزعاج حتى لأصدقائها، ويتمنى كثيرون زوالها لأنها رفضت إصلاح نفسها في اللحظة التاريخية المناسبة. لقد فاتها القطار، لأن حركة التاريخ لها قوانينها وسرّها، ولا يتحكم فيها منصف المرزوقي مهما فعل أو حاول.
ومهما بلغت درجة ولاء الرئيس التونسي السابق لملك المروك وعرشه، ومهما كانت كراهيته لمظاهرات الشعب المروكي وتواطؤه مع المخزن الذي يقمع شعبه ويعذبه، فلن يغيّر شيئًا من المسار التاريخي المحتوم. فمحاولة المرزوقي إقحام الجزائر ومصر في حديثه كبلدين “مرشحين للتغيير” ليست سوى محاولة بائسة لصرف الأنظار عن مملكة “الملك المفترس”.
المرزوقي “المروكي” لا يحب الجزائر، وهذا مفهوم، فدمه نصفه مروكي وله سبعة إخوة من أم مروكية. لكن أن ينطق في كل مرة بالسوء عن الجزائر فهذا أمر مستهجن؛ يتطلب الموقف ردًّا صارمًا يقصِي هؤلاء المتطاولين عن المشهد ويجرد تواطؤهم من أي غطاء إعلامي أو أخلاقي.
لا يمكن لأي عاقل، باستثناء المرزوقي طبعًا، هذا الفاقد للبصيرة والضمير، أن يدعم ملكًا جمع ثروة طائلة على حساب كرامة شعبه، حتى أصبح أغنى من ملك بريطانيا العظمى تشارلز. إلى درجة أن دولًا أوروبية امتنعت عن إرسال الدعم المالي للمروك بسبب الثروة الفاحشة لملكها.
محاولات الرئيس السابق المرزوقي الترويج للمروك وتوجيه الرأي العام الداخلي نحو الجزائر، التي يحكمها الرئيس تبون المنتخب، هي محاولات عبثية. فتبون موظف كبقية المسؤولين في الجزائر، لا يملك قصورًا، ولا يملك شعبًا، ولا تُقبل في بلاده عادة القرون الوسطى المتمثلة في تقبيل الأيدي والأرجل لأبناء “السلالة” الذين يعتبرون أنفسهم فوق الشعب المروكي.
من حقك يا منصف المرزوقي أن تتودد لنظام ملكي متآكل من عصور غابرة، تهشمت واجهته أمام العالم لأنه خارج التاريخ البشري. لكن ليس من حقك أن تتطاول على الجزائر، وعليك أن تلتزم حدودك.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…