‫الرئيسية‬ الأولى هل انطلقت المواجهة الإماراتية-السعودية في اليمن؟
الأولى - الحدث - الدولي - رأي - مقالات - ‫‫‫‏‫6 ساعات مضت‬

هل انطلقت المواجهة الإماراتية-السعودية في اليمن؟

هل انطلقت المواجهة الإماراتية-السعودية في اليمن؟
تُظهر تطورات المشهد الإقليمي، من اليمن إلى السودان، ملامح تحولات عميقة في موازين النفوذ داخل العالم العربي، وتسلّط الضوء على أدوار متزايدة الجدل لبعض القوى الإقليمية. فالأحداث الجارية، سواء في اليمن أو في السودان، تعيد إلى الواجهة نقاشًا واسعًا حول طبيعة الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في عدد من بؤر التوتر العربية، ودوره في زعزعة الاستقرار بدل المساهمة في التهدئة، وفق ما تراه أطراف سياسية وإعلامية متعددة.

ويذهب بعض المحللين إلى اعتبار أن خطورة الدور الإماراتي تكمن في قدرته على اختراق البيئات العربية الهشة، عبر أدوات مالية وعسكرية وسياسية، في غياب آليات رقابة داخلية واضحة على القرار الخارجي. هذا الواقع، بحسب هذه القراءات، يميّز الإمارات عن قوى أخرى، ويمنحها هامش حركة واسعًا للتدخل في نزاعات داخلية معقدة، بعيدًا عن أي مساءلة فعلية.

هذه المخاوف لم تعد مقتصرة على دول بعيدة جغرافيًا، بل بدأت، وفق مؤشرات متعددة، تُقلق حتى حلفاء تقليديين للإمارات داخل الخليج. ففي اليمن، بلغت هذه الإشكالية ذروتها مع الدعم العسكري والسياسي الذي قدّمته أبوظبي لفصائل يمنية سعت إلى فرض واقع انفصالي بين الشمال والجنوب. ويُنظر إلى هذا التوجه على أنه محاولة للسيطرة على مناطق استراتيجية غنية بالموارد الطبيعية، وعلى رأسها النفط، ما وضعه في تعارض مباشر مع أهداف المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي هناك.

وفي هذا السياق، برز موقف مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الذي طالب بشكل واضح بسحب جميع القوات الإماراتية من الأراضي اليمنية، بعد تدخل سعودي-عربي لاحتواء الفصائل المسلحة المدعومة من أبوظبي. هذا التطور أعاد طرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الخلافات الصامتة بين الرياض وأبوظبي قد دخلت مرحلة أكثر وضوحًا، وربما أكثر حدة، بعد سنوات من التباين غير المعلن.

أما في السودان، فقد أثارت التقارير المتعلقة بالدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، موجة إدانات واسعة، خاصة بعد المجازر التي تعرّض لها سكان مدينة الفاشر، والتي وثّقتها صور أقمار صناعية وتقارير دولية. هذه الأحداث وضعت الإمارات في موضع اتهام سياسي وأخلاقي، ودفعت أطرافًا دولية إلى التعبير عن قلقها إزاء دورها في تأجيج الصراع.

ويرى مراقبون أن ما يجري في اليمن قد لا يكون منفصلًا عن هذا السياق الأوسع، بل يندرج ضمن ضغوط غير مباشرة تُمارس على المملكة العربية السعودية، في ظل موقفها الرافض، حتى الآن، لأي انخراط في مسار التطبيع مع الكيان الإسرائيلي دون قيام دولة فلسطينية مستقلة. ويستحضر هؤلاء تصريحات سابقة تؤكد أن ولي العهد السعودي واجه ضغوطًا كبيرة في هذا الملف، لكنه تمسّك بشروطه السياسية.

ولا يقتصر الجدل على اليمن والسودان، إذ تمتد المخاوف أيضًا إلى منطقة القرن الإفريقي، حيث تُتابع تحركات إماراتية وُصفت بالمقلقة بالنسبة لمصر. وتُشير تحليلات إلى أن استمرار هذا النهج قد يفتح الباب أمام توترات جديدة بين القاهرة وأبوظبي، في وقت تشهد فيه العواصم العربية الكبرى، مثل القاهرة والرياض والجزائر، تقاربًا ملحوظًا في المواقف إزاء قضايا الأمن الإقليمي.

وفي هذا الإطار، يُستحضر موقف الجزائر، التي كانت من أوائل الدول العربية التي حذّرت رسميًا من الأدوار التخريبية التي تستهدف دول الساحل والمنطقة، حيث أكد الرئيس عبد المجيد تبون في أكثر من مناسبة على خطورة هذه التدخلات، وتوعّد بالتصدي لأي مساس بأمن واستقرار الدول.

أحداث اليمن والسودان، وما يرافقها من تطورات في الصومال والقرن الإفريقي، تعزز لدى كثيرين القناعة بأن المنطقة مقبلة على مرحلة إعادة اصطفاف، وأن بعض القوى الإقليمية تخلت عن أي دور عربي جامع، لتتحول إلى فاعل مثير للانقسام، يخدم أجندات تتجاوز بكثير حجمها الطبيعي، وعلى حساب استقرار الشعوب العربية وأمنها الجماعي.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

تقارب الجزائر وتونس يربك الحسابات الفرنسية!

تشهد الساحة الإعلامية الفرنسية في الآونة الأخيرة حملة واضحة تستهدف الجزائر وتونس، على خلفي…