هل باعت باريس قيمها للصهاينة؟
لا يمكن فهم قرار فرنسا بدعم مشروع الحكم الذاتي الاستعماري المغربي إلا في إطار تحرك وضغط اللوبي الصهيوني من داخل وخارج فرنسا، بالإضافة إلى التغيير الخطير في سياسة الدول الغربية التي استبدلت احترامها للقانون الدولي بما تسميه “بالقواعد”، وهي ما تقرره الدول الغربية حسب مصالحها وأهوائها. وقد جاء هذا حرفيًا في بيان قمة الحلف الأطلسي الأخيرة بواشنطن، وهو أخطر ما صدر عن تنظيم عسكري غربي خارج عن القانون الدولي، أو بالأحرى إضافة كلمة “قواعد” إلى ما يسمونه حسب معاييرهم بالقانون الدولي، حتى تتمكن الدول الغربية من التدخل عسكريًا ضد أي بلد تقرر أنه لا يحترم القواعد التي تضعها جماعة الحلف.
فرنسا هي من بين الدول الأولى التي تحدث رئيسها إيمانويل ماكرون عن “القواعد” لتعويضها بالقانون الدولي، ومن هنا تأتي عملية الدعم لإسرائيل وهي تقتل وتبيد شعبًا بأكمله، لأن قيم و”قواعد” الغرب لا تتعارض مع ما تقوم به إسرائيل.
اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ليس إلا ترسيماً لسياستها السابقة، وهي حقيقة لم تكن مع تقرير مصير الشعب الصحراوي أبدًا، ربما فقط في إطار شكلي أممي يجبرها على ذلك في الوقت الذي كانت تنهب فيه المليارات من الجزائر، وللحفاظ على بعض الشكليات. وما زالت تصريحات قادة جبهة البوليساريو التي تتهم فرنسا بالتواطؤ مع المغرب شاهدة على ذلك.
التغيير في سياسة فرنسا يأتي في ظروف اقتصادية خانقة لها، وسياسياً أصبحت غير مرغوب فيها في إفريقيا، فوجدت الطريق للعودة، أو على الأقل محاولة العودة عبر بوابة المغرب المؤمنة لها. ولا أستبعد أنها ستعود لعاداتها القديمة باستعمال الحروب لضرب استقرار البلدان التي تراها مناهضة لها.
وهنا يجب أن نذكر تصريحات مارين لوبان، ابنة المظلي السابق والعنصري ضد الجزائريين، عندما وعدت المغرب بتغيير موقف فرنسا إذا صعدت إلى الحكم. كما تأتي تصريحات السفير والعميل السابق للمخابرات الفرنسية، كزافيي دريانكور، الذي قال بضرورة التوجه للعلاقات مع المغرب على حساب الجزائر، وكأن العلاقات مع المغرب لم تكن معززة مع فرنسا.
الصراع مع فرنسا قضية مصيرية ووجودية بالنسبة للجزائر، وسببه هو توجه الجزائر نحو الاستقلال اقتصاديًا والخروج من دائرة النهب السابقة. اعتراف فرنسا بالمشروع المغربي في الصحراء الغربية ليس إلا بداية لصراع طويل مع الاستعمار الفرنسي الذي طُرد من إفريقيا ويحاول العودة عبر بوابة أخرى. تصريحات جنرال فرنسي سابق بالعودة إلى إفريقيا عسكريًا بعد سنتين لم تكن اعتباطية، وعلى الجزائر أن تتخذ كل الإجراءات تحضيرًا للدفاع عن شعبها بكل ما تملك من قوة عسكرية، لأن الصراع قادم والقوى الاستعمارية هي التي تحكم الغرب اليوم.
لخضر فراط، صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
المروك على حافة الانهيار الاقتصادي ويبحث منفذا عبر الجزائر
تكثّف دوائر المخزن في المروك خلال الأسابيع الأخيرة حملاتها الإعلامية الممولة عبر مقالات مد…






