هل بدأ الغرب في تحميل زيلينسكي ثمن الفشل؟
تشير تقارير متزايدة إلى عقد اجتماعات أمريكية بريطانية لمناقشة مسألة التخلص من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي بات محل جدل كبير في الأوساط الغربية، بسبب تعطيله لمسار التفاوض مع روسيا من أجل وقف الحرب. وتتجه الأنظار حالياً إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا تسعيان لاستبدال زيلينسكي، الذي انتهت ولايته، بالسفير الأوكراني في بريطانيا الجنرال فاليري زالوجني، القائد السابق للقوات المسلحة الأوكرانية.
ورقة زيلينسكي، بحسب المراقبين، قد احترقت ولم تعد صالحة للمرحلة المقبلة، خصوصاً مع تصاعد أصوات المعارضة والاحتجاجات الداخلية ضده، واتهامه بالفساد واختلاس أموال الدعم الغربي، التي تموَّل من ضرائب المواطنين في الدول الداعمة.
الغرب، وبعد أن أيقن عملياً بعدم جدوى استمرار الحرب ضد روسيا، وفشل مشروعه في تحقيق نصر عسكري، أصبح يفكر في تحميل زيلينسكي مسؤولية الفشل العسكري والسياسي، في محاولة للخروج من الأزمة “كالشعرة من العجين”، دون تحمل تبعات الهزيمة. الوضع تفاقم مع اقتراب بعض الدول الغربية من حافة الإفلاس، وعجزها عن الاستمرار في تمويل المجهود الحربي الأوكراني، خاصة في ظل تنامي الخلافات والانقسامات داخل المعسكر الغربي نفسه.
كما فشل الغرب أيضاً في محاولة فصل روسيا عن الصين، بل جاءت تصريحات بكين أكثر وضوحاً عندما أكدت أنها لن تسمح بهزيمة موسكو في هذه الحرب. إلى جانب ذلك، تستفيد روسيا من دعم متزايد من دول الجنوب، وعلى رأسها كوريا الشمالية، الدولة النووية القادرة على تهديد الأمن القومي الأمريكي بشكل مباشر.
كل هذه المعطيات لا تصب في مصلحة الغرب الذي خسر المبادرة السياسية، وتراجع عسكرياً أمام القدرات المتطورة للسلاح الروسي. فقد فاجأت موسكو الجميع بتفوقها التقني والعسكري، وهو ما أكده المحلل الفرنسي المعروف شارل غاف، الذي وصف السلاح الروسي بأنه يتفوق “بسنوات ضوئية” على نظيره الغربي، مخالفاً بذلك الآراء التي تصف العتاد الروسي بـ”الخردة”، حيث يرى أن اعتراف العدو الغربي بتفوق الخصم هو أقوى دليل على حقيقته.
أمام هذا الواقع، يبدو أن الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض حلفائها يفكرون في وقف الحرب في أوكرانيا من أجل التفرغ لترميم أوضاعهم الاقتصادية والمالية، وسد الفجوة المتنامية بين قدراتهم التسليحية مقارنة بروسيا والصين. فالمخاطر أصبحت تمسّ أمنهم القومي بشكل مباشر، والخسارة قد تمتد إلى عمق أراضيهم إذا اشتعلت الحرب على نطاق أوسع.
تعيش الولايات المتحدة أيضاً حالة من القلق المتزايد جراء تراجع هيمنة الدولار في التجارة العالمية، وهي الهيمنة التي كانت تدر على الاقتصاد الأمريكي مئات المليارات من الدولارات سنوياً دون جهد يُذكر. على سبيل المثال، وحدها أرباح استخدام بطاقة “فيزا” حول العالم تقدَّر بأكثر من 800 مليار دولار سنوياً. تراجع الدولار سيُفقد واشنطن امتيازات اقتصادية ضخمة، إلى جانب فقدانها مصادر استخباراتية قيّمة كانت تحصل عليها من خلال مراقبة التحويلات المالية العالمية عبر نظام “سويفت” وعبر السيطرة على العملة العالمية الأولى.
العالم يشهد تحولاً مذهلاً، ويبدو أن أمام البشرية خيارين لا ثالث لهما: إما الانزلاق نحو حرب عالمية ثالثة مدمّرة، أو الجلوس إلى طاولة مفاوضات جديدة على شاكلة “يالطا” لتأسيس نظام عالمي جديد قائم على تعدد الأقطاب.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…