ترامب قد يصنّف جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً…
مع اقتراب موعد إعلان واشنطن نيتها إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قوائم التنظيمات الإرهابية، بدأت التساؤلات تطرح في عدد من البلدان العربية والأوروبية حول كيفية التعامل مع هذا التطور المحتمل، وخاصة ما يتعلق بالدول التي دعمت هذا التنظيم سابقاً ماليّاً وسياسياً. التساؤلات اليوم تتمحور حول ما إذا كانت هذه الدول ستواصل تمويل الهياكل المرتبطة بالجماعة أم ستتجه نحو إغلاق قنوات الدعم التي كانت سبباً مباشراً في تمدد هذا التنظيم عبر مناطق واسعة.
وبحسب مصادر سياسية أميركية، فإن المستشارين القانونيين للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كانوا قد أوصوه بتأجيل الإعلان إلى حين استكمال الدراسات القانونية والتنظيمية الضرورية، قبل صدور قرار سياسي نهائي قد يشكل، في حال إعلانه، ضربة قاضية لأكبر تنظيم إسلامي سياسي عابر للحدود. ويشير عدد من الباحثين إلى أن جماعة الإخوان، التي تأسست سنة 1928، كانت محور اتهامات تاريخية حول طبيعة علاقتها بالقوى الدولية، وتحديداً بريطانيا، لكن هذه الاتهامات تبقى محل جدل واسع بين الباحثين.
كما تستند بعض الكتابات النقدية القديمة—ومنها ما نسب إلى عباس محمود العقاد—إلى روايات سعت للتشكيك في أصول مؤسس الجماعة حسن البنّا، وتقديم قراءات غير تقليدية حول خلفيات ظهوره ودور الحركة في تقسيم المجتمعات العربية. ورغم عدم وجود وثائق رسمية تثبت هذه الروايات، فإن خصوم الجماعة يستدلون بعدد من خطابات البنّا التي اعتُبرت في وقتها متسامحة مع الوجود اليهودي في فلسطين قبل 1948، ما جعل تلك الكتابات تُستعاد اليوم في خضم النقاش المتجدد حول مستقبل الجماعة.
الدارسون لتاريخ الإخوان يجزمون بأن دور التنظيم تغير جذرياً خلال العقد الأخير، وأن الجهاز التنظيمي الذي استُخدم في مرحلة ما فيما يسمى بـ”الربيع العربي” لم يعد يحظى بالدعم الدولي نفسه. ويعتبر كثير من المحللين أن احتمال تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي يمثل تحوّلاً كبيراً في نظرة واشنطن والغرب إليها، لا سيما بعد أن باتت أجهزة الأمن الأوروبية نفسها تعتقد بأن خطاب الجماعة وسلوكها داخل الجاليات المسلمة يشكلان تهديداً استراتيجياً للأمن القومي في عدة دول.
وقد أظهرت تقارير رسمية في كل من ألمانيا والسويد وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا أن جماعة الإخوان تمكّنت خلال السنوات الماضية من اختراق بعض المؤسسات الحساسة عبر أفراد منتمين إليها أو متأثرين بخطابها العقائدي، وهو ما دفع بلداناً أوروبية إلى فتح تحقيقات موسعة. وفي بلجيكا، خلصت لجنة برلمانية مكلفة بمراقبة أجهزة الاستخبارات إلى وجود ثغرات استغلها أفراد مرتبطون بفكر الإخوان للوصول إلى مؤسسات أمنية وعسكرية. وتذهب تقارير استخبارية أوروبية إلى الربط بين فكر الإخوان وبين التيارات المتشددة التي خرجت لاحقاً تحت مسميات مثل “داعش” و”القاعدة” و”النصرة”، وهي تحليلات يرفضها الإخوان وأنصارهم، لكنّها باتت جزءاً من سرديات دوائر أمنية غربية.
وفي بريطانيا، مارس الجناح التنظيمي للإخوان ضغوطاً كبيرة لمنع نشر تقرير حكومي حول نشاطات الجماعة، وهو ما أدى بالفعل إلى تأجيل نشر الوثائق النهائية، رغم أن جهود الضغط لم تمنع دولاً أوروبية أخرى من المضي في مساراتها السياسية والأمنية الخاصة بالتنظيم.
أما في تركيا، فلا تزال خلفيات توتر علاقة أنقرة ببعض مجموعات الإخوان غير واضحة تماماً. فقد شهدت السنوات الأخيرة طرد بعض العناصر المحسوبة على التنظيم، في حين استمر وجود مجموعات أخرى داخل تركيا. وتشير تقارير متداولة إلى أن أجهزة الأمن التركية اكتشفت نشاطات لجماعات مرتبطة بالإخوان لصالح أطراف إقليمية، ما أدى إلى إعادة ضبط العلاقة بين الدولة التركية والتنظيم الدولي للإخوان، لكن التفاصيل الدقيقة لا تزال غير معلنة بالكامل.
كما تتهم أطراف عربية عدة الأحزاب ذات المرجعية الإخوانية بامتلاك تنظيمات سرية شبه عسكرية، تُفعّل في لحظات الصراع السياسي، سواء عبر الضغط أو العنف أو دعم الاضطرابات، وهي اتهامات لطالما رافقت وجود هذه الأحزاب في بلدان مثل تونس ومصر وغيرها، خصوصاً بعد الاغتيالات السياسية التي شهدتها بعض الدول.
وفي حال صدور قرار أميركي رسمي بتصنيف الإخوان تنظيماً إرهابياً، فإن تداعياته لن تقف عند حدود الشرق الأوسط أو أوروبا، بل ستمتد بالضرورة إلى دول مثل الجزائر التي تعرف نشاطاً واضحاً لأحزاب تنتمي فكرياً إلى الجماعة. إذ يرى متابعون أن هذه الأحزاب تعتمد خطاباً عقائدياً يصنّف المجتمع على أساس التكفير والتبديع، ويمارس ما يشبه “التقية الدينية”، مع التركيز على تحضير الأجيال لمرحلة سياسية مستقبلية يكون فيها التنظيم أكثر قدرة على التأثير والاختراق.
وبحسب محللين غربيين، فإن الغرب لم يعد يرى في جماعة الإخوان أداة تحقق مصالحه كما كان في عقود سابقة، بل بات يعتبرها تهديداً أمنياً داخلياً، واختلالاً اجتماعياً محتملاً. ومن هنا، يبدو أن قرار التصنيف—إن صدر—سيأتي استجابة لاعتبارات استراتيجية جديدة تتعلق بالأمن الداخلي الأوروبي والأميركي، أكثر مما يتعلق بالشرق الأوسط.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
شهادات صنصال تفضح الإعلام الفرنسي
الخرجات الإعلامية لبوعلام صنصال، التي يبدو أنها مبرمجة ومُحضّر لها من قصر الإليزيه نفسه، ف…






