سفير فرنسا بالجزائر يتهجم على الجيش الجزائري
في حلقة جديدة من برنامج “أوبن بوكس تفي”، الحصة الجيوسياسية لألان جوليي (مدير الاستخبارات في DGSE -المديرية العامة للأمن الخارجي- من عام 2002 إلى 2003) وكلود ميدوري (سياسي فرنسي)، استضافا السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر لفترتين (2008-2012 و2017-2020) كزافييه دريانكور لتحليل العلاقات المعقدة بين الجزائر وفرنسا على مدار أكثر من 60 عامًا.
اتهم السفير الفرنسي السابق في الجزائر، كزافييه دريانكور، الجيش الجزائري بالهيمنة على السلطة والتحكم في البلاد منذ الاستقلال، قائلاً: “إنه نظام منغلق، لأن الجيش الجزائري، وريث جيش التحرير الوطني، يعتبر نفسه صاحب البلاد. والمدنيون مثلك ومثلي هم فقط مستأجرون، يستخدمون البلاد”.
تثير هذه الهجمات المتكررة من قبل دريانكور، المقرب من حزب لوبان الاستعماري، جدلاً واسعاً في الجزائر، وذلك في وقت يشهد فيه البلد نجاحات ملحوظة في تفكيك شبكات التجسس والمندسين التي أسسها هذا السفير في البلاد، بما في ذلك شبكة الشواذ جنسياً في قطاع الإعلام. هذه الادعاءات، التي تأتي في سياق حساس تعيشه الجزائر، تبرز جهود الأجهزة الأمنية في تطهير البلاد من العناصر الخبيثة التي تسعى لزعزعة الاستقرار الوطني. وقد نجحت هذه الأجهزة في تفكيك شبكات معقدة، تضم عناصراً من الإعلام والسياسة الذين كانوا يشغلون مناصب حساسة خلال فترة حكم النظام السابق.
الشبكات التي تم تفكيكها كانت تضم أفراداً من مختلف القطاعات، وكانوا يتلقون دعماً مالياً ولوجستيكيًا من جهات خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار الداخلي. الغريب ان مواقف “الراسيست” دريانكور تتناقلها مجموعات الحركى 2.0.
دور الجيش الجزائري في الأزمة
لقد لعب الجيش الجزائري دوراً محورياً في حماية البلاد من الفوضى والانقسامات، خاصة خلال فترة الحراك الشعبي عام 2019. تمثلت مواقف الجيش في الوقوف إلى جانب الشعب ودعم مطالبه المشروعة، مما جنب البلاد الدخول في دوامة من العنف والفوضى. كما أن الجيش ساهم بشكل كبير في مواجهة التهديدات الإرهابية وحفظ الأمن على الحدود، وهو ما يعكس التزامه الكامل بحماية السيادة الوطنية.
في ظل التحديات الإقليمية والدولية، تبقى الجزائر صامدة بفضل تماسك مؤسساتها وقوة جيشها الوطني. إن النجاحات الأمنية الأخيرة في تفكيك شبكات التجسس والمندسين هي دليل على يقظة الأجهزة الأمنية وكفاءتها. ويجب أن يكون واضحاً للجميع أن الجيش الجزائري سيظل دائماً في صف الشعب، ملتزماً بحماية الوطن من كل المؤامرات والتهديدات، مهما كانت طبيعتها أو مصدرها.
ومنذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون الرئاسة، عملت الأجهزة الأمنية الجزائرية بجهود جبارة لتفكيك شبكات “الخبارجية” والمندسين الذين كانوا يتعاونون مع جهات خارجية لزعزعة استقرار البلاد. ومن أبرز هذه القضايا، قضية الصحفي خ. د.، الذي تم القبض عليه وتوجيه اتهامات له بالتخابر مع جهات أجنبية، وقضية ق.إ الذي تورط في تلقي أموال من الخارج بهدف التأثير على القرار الوطني.
عملية “خليج الخنازير”
أثارت قضية “تهريب المعارضة والناشطة الجزائرية”، الممرضة العاطلة عن العمل، أميرة بوراوي جدلاً واسعاً وحملة إعلامية وحزبية جزائرية قوية ضد فرنسا، وصلت إلى حد اتهام الاستخبارات الفرنسية الخارجية بالسعي لإحداث قطيعة مع الجزائر. تم اتهام الاستخبارات الفرنسية بالتخطيط “لإجلاء” الناشطة الخمسينية من الجزائر إلى تونس، ثم إلى فرنسا، نكاية في السلطات الجزائرية.
تصاعد غضب الجزائر من باريس بعد الحادثة، حيث كتبت وكالة الأنباء الجزائرية وقتها أن الاستخبارات الفرنسية “لم تعد تخفي مناوراتها، وأضحت تعلنها أمام الملأ وفي وضح النهار”، مشيرة إلى أن هدفها هو “إحداث قطيعة في العلاقات الجزائرية – الفرنسية”. وصفت الوكالة بوراوي بأنها “ليست صحافية ولا مناضلة، ولا تحمل أي صفة فهي مجرد ممرضة عاطلة عن العمل”، وأشارت إلى أنه تم إجلاؤها إلى فرنسا، وفي غضون 48 ساعة تم استقبالها وتمكينها من التحدث في قنوات تلفزيونية عمومية، معتبرة ذلك دليلاً على تعبئة وتورط الاستخبارات الفرنسية.
وصفت الوكالة الرسمية “تهريب بوراوي” بعملية “خليج الخنازير” العسكرية التي نفذتها واشنطن في كوبا عام 1961 لقلب نظام فيدل كاسترو باستخدام مرتزقة كوبيين، والتي فشلت في النهاية. وقالت بنبرة تهديد: “إذا فكرت فرنسا في تكرار سيناريو (خليج الخنازير) فقد أخطأوا العنوان… الجميع يعلم أنه يوجد على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي خطة تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية – الفرنسية”، مشيرة إلى أن هذه الخطة يتم تنفيذها من قبل عملاء سريين وبعض المسؤولين في المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي ووزارة الخارجية الفرنسية وبعض المستشارين الفرنسيين من أصل جزائري، معتبرة أن كل هؤلاء داعمون للمغرب في خصومته مع الجزائر.
تصريحات مثيرة للجدل
السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر لم يقتصر على انتقاد الجيش، بل ألمح بشكل غير مباشر إلى دعم وتحريض المغرب على المطالبة ببعض الأراضي الجزائرية، ويمكن أن يُفسر الدعم الذي حظي به هذا العنصري بنشر صحيفة مغربية تابعة للمخابرات المغربية خريطة وهمية جديدة تتضمن بعض الدول الأفريقية، وهذا يتماشى تماماً مع تحريض الجناح الاستعماري “الراسيست” ضد الجزائر، الذي يُمثله دريانكور الذي أطلق تصريحاته هذه خلال محادثة مع اثنين من محاوريه اللذين يعملان في مجال الدعاية لصالح المخزن.
يدعي دريانكور أنه عثر على وثائق في أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية (كي دورسي) تتحدث عن لقاء جمع بين الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول والملك المغربي الحسن الثاني في أبريل 1962، بعد توقيع اتفاقيات إيفيان. يزعم دريانكور أن الحسن الثاني وصف الجزائر في هذا اللقاء بأنها “سرطان إفريقيا”، وأعرب عن ندمه لدعم الجزائر المستقلة وخاصة الجيش الجزائري على الحدو، وطبعا قد تفسر هذه الوثيقة حرب الرمال التي قادها الحسن الثاني بعد يوم فقط من اعلان استقلال الجزائر.
الدوافع الحقيقية
يتساءل الكثيرون عن دوافع السفير السابق وراء هذه التصريحات. يعتقد البعض أن دريانكور يسعى من خلالها إلى التأثير على الرأي العام الجزائري وإثارة الشكوك حول النظام القائم، خاصة بعد النجاحات التنموية التي حققتها البلاد في الآونة الأخيرة. هذه النجاحات أزعجت بعض الجهات التي ترى في استقرار الجزائر تهديداً لمصالحها.
يجب أن نأخذ في الاعتبار أن دريانكور لا يعبر عن آراء شخصية بحتة، بل يعكس توجهات بعض الدوائر السياسية الفرنسية التي تحن إلى زمن الجزائر الفرنسية. هذه الدوائر، التي تتطلع إلى العودة إلى السلطة في فرنسا بعد فوز حزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية، وتسعى إلى تصعيد التوتر بين الجزائر والمغرب لتحقيق مصالحها السياسية.
كزافييه دريانكور، ليس مجرد عنصر منفصل، يتحدث باسم الدوائر المتحسرة على فقدان الجزائر الفرنسية، هذه التصريحات ليست عشوائية بل مدفوعة بنشوة انتصار حزب اليمين المتطرف الذي ينتمي له ويعمل على ان يحكم فرنسا في الفترات القادمة.
مواقف دريانكور، الذي يجب أن نتساءل كيف يمكن لشخص عنصري معادي للجزائر أن يكون سفيراً لمدة 7 سنوات في الجزائر، تبدو موجهة نحو ضرب استقرار الجيش الجزائري. هذا الجيش الذي طرد سليله الفرنسي الاستعماري يمثل حتى اليوم السد المنيع الذي تتكسر عليه طموحات الاستعمار الفرنسي وعصابة الراسيست الفرنسيين.
أيها العنصريون الاستعماريون، خُذوا السلطة في فرنسا وسنرى ماذا أنتم فاعلون؟اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!
تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…