لكم جيشكم ولنا جيشنا
صراحة لا أفهم انتقاد فرنسي مقرب من المخابرات الفرنسية، عُين سفيرًا في الجزائر لعدة سنوات، لحديثه عن الجيش الجزائري. نحن كجزائريين نعرف جيدًا ماذا يعني الجيش الفرنسي في ذاكرتنا الجماعية؛ فهو عنوان للاستعمار والدمار والقتل والتعذيب والتنكيل بالجزائريين.
يذكرني هذا باكتشاف مقبرة جماعية مؤخرًا في مدينة خنشلة تحتوي على حوالي 1190 رفات شهداء، بما فيهم أطفال، وهي من الفظائع التي ارتكبها الجيش الفرنسي الاستعماري الذي يمثله السفير دريانكور.
انتقاد السفير السابق للجيش الجزائري لا يمكن فهمه إلا في سياق الفكر العنصري والاستعماري الذي يحمله. رغم أنه قال في مذكراته إنه بقي 7 سنوات في الجزائر ولم يفهم كيفية عمل النظام الجزائري، يبدو أنه استعاد الذاكرة فجأة ليقول إن النظام الجزائري يسيطر عليه الجيش الجزائري. لو كان هذا صحيحًا، كيف بقي 7 سنوات في الجزائر؟ لو كان الجيش هو المسيطر، لما بقي هذا السفير يومًا واحدًا في الجزائر.
دريانكور، فاقد الذاكرة، يتكلم من موقع فكر اليمين المتطرف لسابقه وملهمه الفكري جون ماري لوبان، المظلي السابق في الجيش الفرنسي الاستعماري، الذي ما زال يحتفظ ويفتخر بالخنجر الذي قد يكون ذبح به الجزائريين.
لو كان شخص مدني غير مقرب من الأجهزة الفرنسية يتحدث عن حكم الجيش في الجزائر، لقلنا إنه عادي أو شبه عادي ويدخل في إطار بث سموم الاستعمار الجديد. أما أن يتحدث لسان حال المخابرات الفرنسية عن الجيش الجزائري، فهذا أمر مرضي ويدل على وجود التيار الاستعماري القديم الذي لم يتقبل استقلال الجزائر حتى الآن.
تحريض دريانكور للمغرب لاستعادة أراضٍ وهمية، يعتبر تدخلاً مستفزًا. أنصحه بأن يطلع على خريطة بريطانيا لسنة 1810 ليرى الأراضي الجزائرية وجدة وتافيلالت، التي قدمتها فرنسا كهدية للمغرب لتفريق القبائل الغربية. حرب الرمال التي بدأت يوم 6 يوليو 1962 من الأحداث التي يجب أن يدرسها جيدًا.
لو لم تقنعك خريطة بريطانيا، يمكنك الاطلاع على خرائط هولندا لسنة 1905. لا أقول لك أن تنظر إلى خريطة الدولة الزيرية التي كانت تمتد إلى جنوب إسبانيا وجنوب إيطاليا، ولا وجود فيها لمملكة المغرب التي أسسها أحد أسلافك في الجيش الفرنسي، المارشال ليوطي.
من المحير أن العنصريين الفرنسيين يتوجهون إلى الجزائر كلما اشتدت الأزمات على فرنسا. فرنسا تواجه أزمة اقتصادية وسياسية خانقة دوليًا، حتى ألمانيا منزعجة من صعود اليمين المتطرف. إذا حكم فرنسا أمثال هذا السفير العسكري والعنصري، ستجد نفسها معزولة أوروبيًا ودوليًا.
كلما اشتدت الظروف ضد فرنسا، يوجه الاستعماريون أنظارهم إلى الجزائر، لأنها كانت مصدرًا سهلاً للنهب. لكن الجزائر اليوم بين أيدي وطنية آمنة، وأصبح نهبها مستعصيًا. إذا كان هذا بفضل الجيش الوطني الشعبي، فشكرًا للجيش الوطني الشعبي.
يا دريانكور، حاول الحصول على السلطة في فرنسا، وسنرى ماذا تستطيع فعله. الجيش الجزائري سيريك مرة أخرى على ماذا هو قادر.
فالاستعمار تلميذ غبي لا يستفيد من الدروس، كما قالها الجنرال جياب. وأنا أقول لك كجزائري: من لا جيش له لا كرامة له.
لخضر فراط، صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
قمة شرم الشيخ… سلام بلا دولة
بعد أن زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكيان الصهيوني ليقدّم له كل الضمانات، وألقى خطابً…