فرنسا على صفيح ساخن
حالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يرثى لها، حيث يقوم المستشار الألماني شولتز يوميًا بمواساته لرفع معنوياته أمام الضغوط النفسية والإحباط الذي يعيش فيه منذ إعلان نتائج الدور الأول الذي فاز فيه اليمين المتطرف. أصبحت فرنسا تحت المجهر من شركائها في دول الاتحاد الأوروبي ومن العالم، إذ يعتبر سقوط السلطة في فرنسا بيد العنصريين كارثة حقيقية لسمعة فرنسا في العالم ولمستقبلها بين الأمم.
ومهما كانت نتائج الدور الثاني من الانتخابات التشريعية، سواء فاز اليمين أو التكتل اليساري، فإن الرئيس يعتبر الخاسر الأكبر في العملية السياسية الحالية، وواقعه أصبح مهزوزًا سياسيًا قد توصله النتائج إلى الاستقالة والذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وهذا ما يريد ماكرون أن يتفاده نظرًا للظروف السياسية الصعبة في أوروبا والعالم.
الحملة للدور الثاني تعتمد بشكل أساسي على تجنيد الكتلة الخاملة التي رفضت الذهاب إلى صناديق الاقتراع وتقدر بـ16 مليون ناخب. يعمل تحالف اليسار والجبهة الشعبية الجديدة على تجنيدها من أجل إحداث الفارق والفوز على جماعة اليمين المتطرف الذي سيكون فوزه وصمة عار في حياة فرنسا السياسية وعلامة فارقة في تاريخها الديمقراطي، وهي البلد الذي يتغنى بالحرية والمساواة والأخوة.
من جهته، يستعمل اليمين المتطرف العنصري طرقه السياسية المعروفة بلعب دور الضحية الذي تتآمر عليه القوى السياسية والرئيس ماكرون لمنعه من كسب الأغلبية المطلقة للوصول إلى السلطة وفرض حكمه على الفرنسيين. طريقة لعب دور الضحية معروفة في سجل أحزاب اليمين المتطرف.
التحالفات بين مختلف شرائح اليسار واليمين العقلاني الوسطي عرفت خطوات جادة، حيث انسحبت الشخصيات التي جاءت في المرتبة الثالثة لدعم المرشح الأول أو الثاني الذي يوجد في أي مواجهة ضد مرشح اليمين المتطرف. وحتى الديغوليين مثل دومينيك دوفيلبان ينادون بموقف منع اليمين المتطرف من الوصول للسلطة رغم أنهم من الليبراليين اليمينيين الجمهوريين، عكس ساركوزي الذي لا يرفض حتى استعمال مصطلح اليمين المتطرف.
فرنسا انتعشت بكل تياراتها الجمهورية – يسار، يمين، وسط – من أجل إيقاف زحف العنصريين على السلطة. وحجتهم في ذلك هي مصلحة فرنسا وسمعتها بين الأمم عبر العالم، إذ أن اليمين المتطرف سيكون بمثابة الكارثة الحقيقية على سمعة ومصالح فرنسا في العالم وسيجعل منها دولة منبوذة في وقت حساس جدًا تمر به الأمم، وفرنسا في غنى عن هذا السقوط الحر، وتعمل جميع قواها السياسية الحية لتفادي ذلك السقوط.
لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…