ماذا استفاد عيد الاستقلال من التسجيل في عدل “3”؟
احتفلت الجزائر يوم 5 يوليو (جويليا) بالذكرى 62 لانتزاع استقلالها بعد حرب تحررية ضارية ضد الاستعمار الفرنسي دامت أكثر من 7 سنوات. الاحتفال هو تذكير سنوي بتلك المأساة التي عاشها الشعب الجزائري طيلة 132 سنة من الاستعمار، ولم يرَ نور الحرية إلا بعد سنوات من الحرب، ودفع فيها ثمناً باهظاً وقوافل من الشهداء. الاحتفال السنوي هو من أجل ترسيخ هذه الذكرى المجيدة في تاريخ شعبنا وترسيخها في الذاكرة جيلًا بعد جيل حتى لا ينسى أحد أن الاستقلال انتُزع بعد أن دفع الشعب الجزائري الغالي والنفيس.
العادة المتعارف عليها هي أن تكون الاحتفالات في هذا اليوم احتفالات من أجل الذكرى، تُنظم فيها عدة أنشطة رسمية وشعبية تبرز في أغلبها ما حققته الجزائر من إنجازات عسكرية عبر تنظيم العرض العسكري والاحتفالات بالترقيات، وأيضًا في الجانب المدني التذكير بمعاني هذا اليوم والترحم على الشهداء الذين دفعوا أرواحهم لنعيش نحن في كنف الحرية وننعم بها.
وطبعًا تلعب وسائل الإعلام دورها في التذكير بهذا اليوم حتى ترى الأجيال الصاعدة أن بلدهم، الذي سيستلمون قيادته في يوم ما، له تاريخ عريق ومجيد وضحى من أجله أجدادهم لتبقى الرسالة خالدة وتنتقل من جيل لآخر كعادة كل أمة فوق هذه المعمورة.
الشعوب بتاريخها تحيا وتعيش وتستمر في الوجود، وبدون تاريخ ستزول. الذاكرة هي مصدر قوة لأي شعب في هذا العالم، وطبعا للشعب الجزائري أيضًا. فبدون ذاكرة مصيره الضياع.
والسؤال الذي أطرحه اليوم هو: هل إطلاق عملية التسجيل فقط بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال الـ62 يفيد الذاكرة التاريخية في شيء؟ بمعنى هل يتناسب أن نبرمج حدثًا مثل هذا، وهو مجرد تسجيل أسماء عبر الإنترنت، في يوم تاريخي نهدف من ورائه إلى الإبقاء على سلسلة الترابط بين الأجيال عبر ذاكرة حية لا تموت ولا تندثر؟ هل حقيقة يتناسب تنظيم هذا الحدث البسيط المتعلق بتسيير شؤون الجزائريين اليومية مع حدث الاحتفال بذكرى 62 للاستقلال الذي أعطى للشعب الجزائري دولته الحديثة؟ هل فكرنا في هذا الأمر؟
الإشكالية تبقى مطروحة فيما يخص الاحتفاظ بنمط معين من الاحتفال بذكرى ثورة نوفمبر أو عيد الاستقلال وذكرى يوم المجاهد ويوم الشهيد إلى غير ذلك من أيام الذاكرة التاريخية التي من واجبنا الحفاظ عليها ونقلها للأجيال الجديدة.
لا أملك شخصيًا الإجابة، ولكن التفكير في كيفية إحياء هذه الأيام المقدسة والمباركة من تاريخنا أصبح ضروريًا مع الوقت، لأن المجتمع الجزائري تطور ومشاكله تتطور أيضًا، ووجب علينا أن نفكر جميعًا في كيفية الحفاظ على أيام ذاكرتنا التاريخية الجماعية دون أن نلوثها لننقلها للأجيال الصاعدة. وصراحة، لا أعتقد أن إدخال تسجيلات عدل 3 للاستفادة من السكن في يوم عيد استقلالنا الـ62 كان موفقًا.
من يريد أن يظهر إنجازات قطاعه، وهذا من حقه طبعًا، فالسنة عدد أيامها 365 وربع اليوم.
لخضر فراط صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي مدير نشر جريدة المؤشر
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…