من سمح لبرباري مناقشة الألوان الوطنية؟!
كلما استمعت إلى الأمين العام للجنة الأولمبية، السيد خير الدين برباري، أشعر بالغثيان والصدمة. ولكن أكبر صدمة تلقيتها كانت عندما سمعته يتحدث عن قيام تنظيمه باستشارة خبراء ورياضيين من مختلف الفئات لاختيار الألوان التي تم تصميم الزي الرسمي الجديد للوفد الجزائري في أولمبياد باريس بناءً عليها. حقيقةً، لم أفهم كيف يمكن استشارة الناس في اختيار الألوان الوطنية. منذ متى كانت الألوان الوطنية معروضة للنقاش والتغيير؟
كيف سمحت هذه اللجنة الرياضية لنفسها بطرح الألوان الوطنية للنقاش والإثراء؟ أليست ألواننا مقدسة ومحفوظة بنصوص رسمية تحميها من العبث؟ هل يمكن لأي شخص أن يناقش الألوان الوطنية ويغيرها حسب انتماءاته العلنية أو السرية؟ إذا تأكد هذا، فمن الواضح أننا نتحدث عن خرق خطير.
اليست هذه الألوان الجديدة مستوحاة من علم ما يسمى “الجمهورية القبائلية الوهمية” التي يقودها “المهني” في باريس، ولا علاقة لها بما يوجد من ألوان في الطبيعة الجزائرية ؟ الجزائر تزخر بملايين الألوان، وليس لونين فقط مثل الأزرق والأصفر. هل من باب الصدفة أن يكون اللونان الأصفر والأزرق موجودين في علم الحركة الإرهابية “الماك” والجمهورية الوهمية؟ وهل لنا أن نصدق التبريرات المقدمة لنا بشأن معاني الألوان المختارة دون تفسير لماذا تم التخلي عن الألوان الوطنية ومن قرر ذلك؟
حكايات برباري امتدت إلى محاولة إقناعنا، نحن السذج، بمبرر اختيار اللون الأزرق للفريق الوطني الإيطالي، رغم عدم وجوده في ألوان العلم الإيطالي، دون تقديم شرح تاريخي حقيقي. فاللون الأزرق الإيطالي يكرم العائلة المالكة “سافوي” التي وحدت إيطاليا، واختير منذ عام 1861، تاريخ تأسيس فيدرالية كرة القدم الإيطالية، ولن يتغير أبداً لما يحمله من رمزية تاريخية. هذا يختلف تماماً عن العبث الذي نشهده في بلادنا، حيث يتم المساس بمقدسات الشعب الجزائري.
الكارثة الأكبر هي أن مجرد لجنة أولمبية أعطت لنفسها الحق في فتح نقاش رسمي حول تغيير الألوان الوطنية، مما يعتبر استباحة لتاريخ الجزائر ورموزه. أليست هذه جريمة في حق الوطن وتاريخ الجزائر وتضحيات شعبها الأبي؟ كيف يتجرأ أمين عام لتنظيم رياضي على فتح النقاش والتشاور في تغيير الألوان الوطنية؟ أليست هذه مجرد حيلة للطعن فيها من تيار سياسي بعينه؟ وما دور الوزير المشرف على القطاع وهو في نفس الوقت رئيس اللجنة الأولمبية؟
هل كان الوزير صاحب الفكرة لتغيير ألوان العلم الوطني بألوان مستوحاة من علم حركة “الماك” الإرهابية التي تعمل على تقسيم الجزائر؟ أين البرلمان الجزائري لمساءلة هذا الوزير؟ وأين العدالة التي يجب أن يواجهها لشرح سبب طعنه في الألوان الوطنية ومن سمح لهذا التنظيم بطرحها للنقاش؟
الألوان الوطنية محمية دستوريًا وفتح النقاش في تغييرها هو فقط من صلاحيات الرئيس والبرلمان والهيئات الرسمية، وليس من صلاحيات اللجنة الأولمبية. هذا ما شرحه لنا الأمين العام للجنة الأولمبية الوطنية، والتي يرأسها الوزير نفسه عبد الرحمن حماد. هذه جريمة مكتملة الأركان يعاقب عليها القانون بصرامة. وكان على الوزير في الجمهورية الجزائرية ألا يسمح لنفسه بفتح نقاش ليس من صلاحياته حول الألوان الوطنية، ثم يتبنى ألوانًا جديدة تشمل الأزرق والأصفر إلى جانب الأخضر والأبيض، متخليًا عن اللون الأحمر نهائيًا. هل هذا هو علم الجزائر الذي يحلم به الوزير وأتباعه؟ أسئلة وجب طرحها لتتضح لنا الرؤية ونعرف الحقيقة.
لخضر فراط، صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، مدير نشر جريدة المؤشر.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…