الافتتاحية - 3 سبتمبر، 2024

عدمية زبيدة عسول

عدمية زبيدة عسول
تتنوع الاتجاهات والأفكار في الساحة السياسية، لكن هناك تيارًا معينًا يثير قلق الكثيرين وهو تيار “العدمية” أو ما يُعرف بـ”النزعة العدمية”. دعاة هذا التيار يتبنون رؤية سوداوية تجاه الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويقدمون نقدًا لاذعًا لكل ما هو قائم، لكنهم في الوقت ذاته يفتقرون إلى تقديم حلول أو بدائل ملموسة. هؤلاء السياسيون، الذين يكتفون بالتشكيك في جدوى كل شيء، يُعتبرون سياسيين بدون مشاريع حقيقية أو رؤية مستقبلية يمكن البناء عليها.

زبيدة عسول، المحامية والسياسية البارزة لهذا التيار العدمي. رغم أنها تمكنت من جذب بعض الاهتمام في الساحة السياسية من خلال مواقفها الانتقادية، إلا أنها لم تستطع في الماضي القريب جمع التوقيعات اللازمة التي تُمكنها من الترشح في الانتخابات الرئاسية. هذا الفشل في جمع الدعم الشعبي يعكس حالة من العدمية السياسية التي تتبناها، حيث يقتصر نشاطها على النقد والرفض دون تقديم برامج أو حلول عملية يمكن أن تحظى بثقة الجماهير.

في خضم هذا، ظهرت القاضية السابقة إلى المطالبة بالتصويت بالورقة البيضاء، وكأنها تنصح الشعب برفض كل الخيارات المتاحة دون أن تقدم بديلاً حقيقياً. هذا التناقض الفاضح يكشف عن نهج عدمي يدعو إلى الفوضى بدلاً من العمل على تقديم حلول عملية، ما يثير عجب العجاب.

بعد الفشل في جمع التوقيعات، وبعد تأكدها من أن الجالية الجزائرية بالخارج تشارك بقوة في الانتخابات وتعبر عن انتمائها العميق للوطن، اختارت عسول طريق الرفض المطلق والتشكيك في جدوى العملية الانتخابية ككل، ربما كرد فعل على الشعور بالعجز أمام زخم المشاركة الوطنية الحقيقية التي أظهرتها الجالية الجزائرية بالخارج.

السياسة ليست مجرد نقد وتفكيك لما هو موجود، بل هي أيضًا بناء وتقديم حلول. السياسي الحقيقي هو الذي يمتلك رؤية واضحة وبرنامجًا عمليًا يمكن تنفيذه على أرض الواقع. أما السياسي العدمي، فإنه يتقن فن الهدم دون أن يمتلك القدرة أو الرغبة في البناء. وهذا النوع من السياسة يمكن أن يكون مدمّرًا على المدى البعيد، حيث يساهم في تآكل الثقة في المؤسسات وفي العملية الديمقراطية برمتها.

الانتخاب بالورقة البيضاء، في هذا السياق، ليس إلا محاولة أخرى لتعميق الانقسام وبث الشك في المؤسسات الديمقراطية، بدلًا من تقديم حلول بناءة أو العمل على جذب الدعم الشعبي من خلال برنامج سياسي قوي ومقنع. هذا التوجه العدمي قد يعكس أكثر من أي شيء آخر إحساسًا بالعزلة وفقدان الصلة بالجماهير التي تظل متمسكة بالعملية الديمقراطية رغم التحديات، مفضلة الأمل على السلبية والهدم.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …