من ينقذ الصحافة الجزائرية من الانهيار؟
في ظل الاحتفال باليوم الوطني للصحافة، الذي يصادف 22 أكتوبر من كل عام، تعيش الصحافة الجزائرية لحظة حاسمة للتفكير في مستقبلها وتحدياتها. هذا اليوم، الذي يحمل رمزية خاصة، يعيد إلى الأذهان تاريخ الإعلام الجزائري، والذي كان في يوم من الأيام رمزًا للمقاومة والنضال ضد الظلم. اليوم، يواجه قطاع الإعلام في الجزائر تحديات غير مسبوقة، ما يستدعي البحث عن سبل لإنقاذه من أزمات متلاحقة قد تهدد بقاءه.
لقد لعب الإعلام الجزائري دورًا محوريًا في مسار الثورة التحريرية المجيدة، حيث ساهم في دعم كفاح الشعب الجزائري وتدويل قضيته على الساحة العالمية. جريدة “المقاومة الجزائرية”، التي صدر أول عدد منها عام 1955، تمثل رمزًا لهذا الدور النضالي، إذ كانت الكلمة سلاحًا فعالًا في مواجهة الدعاية الاستعمارية.
لكن اليوم، ومع مرور الزمن وتحولات العصر، تبدو الصحافة الجزائرية في مفترق طرق. فمع الإصلاحات التي أطلقتها الدولة، بما في ذلك دستور 2020 والقوانين الجديدة المتعلقة بالصحافة المكتوبة والإلكترونية، تبدو الفرصة سانحة أمام الإعلام الجزائري لاستعادة دوره الريادي. إلا أن هذه الإصلاحات، على أهميتها، تصطدم بعوائق كبيرة تتعلق باستقلالية الصحافة وضغوط داخلية وخارجية تهدد مهنيتها.
أحد أبرز هذه التحديات هو التراجع الملحوظ في دعم الدولة للصحافة، خاصة الفتية منها. الصحافة الناشئة، التي تمثل ركيزة التنوع الإعلامي، تجد نفسها اليوم تواجه صعوبات مالية وتقنية كبيرة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج والطبع. هذا التراجع في الدعم قد يؤدي إلى تركز الإعلام في أيدي مؤسسات كبرى، مما يهدد حرية التعبير ويضعف التعددية.
إن تخلي الدولة عن دعم الصحافة الفتية لا يعكس فقط تراجعًا في الاعتراف بأهمية الإعلام المستقل، بل يحمل في طياته مخاطر تهدد بقاء هذه المؤسسات الإعلامية الناشئة. فقد تجد نفسها عاجزة عن مواكبة التطورات أو تقديم محتوى ينافس المؤسسات الإعلامية الكبرى، مما يجعلها عرضة للانهيار.
وعلى الرغم من الإصلاحات القانونية والتشريعية التي تهدف إلى تعزيز حرية الإعلام، فإن عدم توفير الدعم المادي والبنية التحتية اللازمة يجعل من الصعب تحقيق هذه الأهداف. الدولة بحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها المتعلقة بالإعلام، ودعم الصحافة الفتية، وخلق بيئة تحمي استقلاليتها وتعزز تنوعها.
في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال مطروحًا: من سينقذ الصحافة الجزائرية من الانهيار؟ القرار اليوم بيد الدولة، التي تتحمل مسؤولية تقديم الدعم اللازم لإنعاش القطاع، وضمان استمرار الصحافة الجزائرية كقوة مستقلة قادرة على حماية مصالح البلاد والدفاع عن قضاياها الوطنية.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!
تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…