‫الرئيسية‬ الأولى خط الجزائر – تمنراست.. بوابة نحو التنمية والتكامل الإفريقي: قطار اقتصاد الجزائر على السكة الصحيحة
الأولى - الوطني - 12 ديسمبر، 2024

خط الجزائر – تمنراست.. بوابة نحو التنمية والتكامل الإفريقي: قطار اقتصاد الجزائر على السكة الصحيحة

خط الجزائر – تمنراست.. بوابة نحو التنمية والتكامل الإفريقي: قطار اقتصاد الجزائر على السكة الصحيحة
يُعد مشروع “قطار التنمية الاقتصادية” من أبرز المشاريع الاستراتيجية التي تسعى الجزائر من خلالها إلى تحقيق نهضة تنموية شاملة تربط بين مختلف مناطقها الجغرافية وتعزز مكانتها على الصعيد الإفريقي. هذا المشروع الطموح يتمثل في إنشاء خط سكة حديد يمتد من العاصمة الجزائر إلى تمنراست، وصولًا إلى الحدود مع النيجر، ليغطي أكثر من 2400 كيلومتر. فما الذي نعرفه عن هذا المشروع الضخم؟ وما هي أبعاده الاقتصادية والاجتماعية؟

“قطار التنمية الاقتصادية” ليس مجرد وسيلة نقل، بل هو رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق التكامل بين الشمال والجنوب، وربط الجزائر بالدول الإفريقية المجاورة. المشروع يحظى باهتمام خاص من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي صنفه ضمن الأولويات الوطنية. وقد بدأت ملامح هذه الرؤية تتحقق بالفعل من خلال مراحل التنفيذ التي قطعت أشواطًا ملموسة.

بحسب الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية (ANESRIF)، فإن الدراسات الخاصة بالمشروع قد اكتملت لمسافة 1,040 كيلومترًا. تشمل هذه الدراسات عدة قطاعات حيوية مثل شفة – بوغزول (153 كيلومترًا)، الأغواط – غرداية (265 كيلومترًا)، غرداية – المنيعة (230 كيلومترًا)، والمنيعة – عين صالح (400 كيلومترًا). أما القطاع الأخير الذي يربط تمنراست بعين قزام على الحدود مع النيجر، فما زالت الدراسات بشأنه قيد الإعداد، ومن المتوقع أن تبدأ قريبًا.

جزء من هذا الخط بات عمليًا بالفعل، حيث افتُتح خط بوغزول – الجلفة – الأغواط بطول 250 كيلومترًا في أكتوبر 2023، في خطوة تمثل انطلاقة حقيقية للمشروع. هذا الخط يُعتبر نموذجًا مبشرًا لما يمكن أن تحققه الشبكة الكاملة عند اكتمالها.

لكن التحديات ليست بالقليلة، خاصة في تنفيذ القطاع الذي يربط شفة بالمدية ثم بوغزول. هذا الجزء يُعد من أكثر الأجزاء تعقيدًا بسبب التضاريس الصعبة والتكاليف المرتفعة. ومع ذلك، فإن هذا القطاع يُعتبر حيويًا لربط شمال الجزائر برواق الهضاب العليا، وفتح الطريق نحو أعماق الصحراء.

سرعة القطار التي تصل إلى 220 كيلومترًا في الساعة تعكس الجهود المبذولة لضمان أن يكون المشروع متقدمًا من الناحية التقنية. كما أن الربط بين الجزائر وتمنراست سيسهم في تسهيل حركة البضائع والأفراد، مما يعزز من التبادل التجاري والتنمية الاقتصادية في الجنوب الكبير. ولا يقتصر الأمر على الداخل الجزائري فقط، بل يمتد ليشمل تسهيل الربط مع دول الجوار الإفريقي.

الأبعاد الاقتصادية لهذا المشروع هائلة. فهو يُنتظر أن يخلق آلاف فرص العمل أثناء مرحلة الإنشاء والتشغيل، ويسهم في تقليص الفوارق التنموية بين الشمال والجنوب. كما يُتوقع أن يكون عامل جذب للاستثمارات الأجنبية والمحلية في المناطق التي يمر بها الخط، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة.

من الناحية الاجتماعية، سيساعد المشروع على فك العزلة عن العديد من المناطق النائية، وتحسين جودة الحياة لسكانها. كما سيوفر وسيلة نقل آمنة وسريعة تُسهم في تحسين التواصل بين مختلف أنحاء البلاد.

على المستوى السياسي، يُعتبر المشروع خطوة استراتيجية نحو تعزيز مكانة الجزائر كجسر يربط شمال إفريقيا بجنوبها، ومركز إقليمي للنقل والتجارة. هذا الطموح ينسجم مع رؤية الرئيس تبون في جعل الجزائر لاعبًا محوريًا في القارة الإفريقية.

ومع ذلك، يظل المشروع يواجه تحديات تمويلية وتقنية. تسعى الدولة الجزائرية إلى تسريع وتيرة الإنجاز من خلال توجيه الاستثمارات اللازمة، والعمل على تذليل العقبات التي قد تعيق تقدم المشروع.

باختصار، “قطار التنمية الاقتصادية” ليس مجرد مشروع بنية تحتية، بل هو استثمار استراتيجي في مستقبل الجزائر. هو القطار الذي لا يحمل الركاب فقط، بل يحمل أيضًا طموحات أمة تسعى لتحقيق التوازن التنموي وتعزيز دورها في المنطقة، بينما نتطلع إلى اكتمال هذا المشروع العملاق.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

اليمين المتطرف يهاجم الطلبة الجزائريين في فرنسا!

تعيش فرنسا منذ أسابيع على وقع جدل جديد أثارته بعض الأوساط اليمينية المتطرفة التي وجّهت سها…