‫الرئيسية‬ في الواجهة الحدث الدولي أوكرانيا ومنطق النهب لدى الاتحاد الأوروبي؟!
الدولي - مقالات - 18 مارس، 2025

أوكرانيا ومنطق النهب لدى الاتحاد الأوروبي؟!

أوكرانيا ومنطق النهب لدى الاتحاد الأوروبي؟!
قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي تقديم 4.5 مليار يورو كدعم لأوكرانيا، جزء منها مساعدات والجزء الآخر قروض. يأتي هذا القرار في إطار التزام الاتحاد الأوروبي بتقديم 50 مليار يورو حتى عام 2027. لكن القرار يشترط على أوكرانيا تنفيذ 13 شرطًا، من بينها نزع الألغام من المزارع، وتحسين نظام الجمارك، وغيرها من المطالب.

ما يلفت النظر في هذه الشروط هو الشرط الأخير، الذي يتضمن ضرورة تقديم كييف للاتحاد الأوروبي قائمة كاملة بالمواد الأولية الاستراتيجية والأساسية التي توجد على أراضي أوكرانيا. وهذا الشرط يفتح الباب لفهم أعمق لأهداف الحرب منذ بدايتها حتى اليوم، ويكشف عن وعي روسي مبكر بالأهداف الاستعمارية الغربية.

بوجود شرط موثق كهذا يفرض على نظام كييف، لا يمكن أن يبقى لديك أي شك في النوايا الاستعمارية الغربية الرامية للاستيلاء على ثروات أوكرانيا. الدعم والمساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي ليست من باب النوايا الطيبة، بل هي جزء من خطة أوسع للهيمنة على المواد الأولية في أوكرانيا. ربما يكون هذا الشرط هو السبب في غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي صرح في وقت سابق بأن الولايات المتحدة هي من قدمت الدعم الأكبر لأوكرانيا مقابل لا شيء، وبدأ يبحث عن اتفاقية لاستغلال المعادن الثمينة الموجودة في أوكرانيا من أجل استرداد مقابل الدعم الأمريكي لها. ولكن ما لم يكن في حسبان الغرب هو أن المعادن الثمينة والمواد الأولية توجد في المناطق التي تسيطر عليها روسيا، وفقًا لتصريحات رسمية روسية.

يستمر التعنت الأوروبي في دعم أوكرانيا، بما في ذلك التدخل العسكري وإرسال جيوش أوروبية، تحركه الرغبة في السيطرة على ما تبقى من المواد الأولية الاستراتيجية في الأراضي الأوكرانية. في المقابل، فتحت روسيا أبواب الاستثمار المشترك في المعادن النادرة والثمينة، وهو ما يفسر التحالف الأمريكي الروسي على حساب الأوروبيين. أوروبا، التي كانت تهيمن على السياسة العسكرية في العصور الماضية، تعود اليوم إلى استخدام القوة العسكرية للسيطرة على الثروات والمواد الأولية التي تدخل في صناعة التكنولوجيا الحديثة. لكنها لم تعد القوة الوحيدة على الساحة الدولية، ولم تعد القوة العسكرية وحدها كافية لتحقيق مصالحها. ما يحدث في أوكرانيا يعكس بوضوح تغير موازين القوى العسكرية على الصعيد العالمي.

في هذا السياق، يرتفع الصراخ الفرنسي المريب كلما اشترت الجزائر طائرات متقدمة أو أسلحة متطورة. الهدف من هذا الصراخ ليس فقط الإزعاج، بل الخوف من تقوية الجزائر عسكريًا، وهو ما سيجعل من الصعب على فرنسا استخدام قوتها العسكرية للهيمنة على ثروات الجزائر. هذا الأمر أصبح جليًا في الأزمة الحالية بين الجزائر وفرنسا، التي يقودها أحفاد الاستعمار الفرنسي. تيار قدامى الاستعمار الفرنسي منزعج من التوجه الوطني للجزائر، التي أصبحت تدافع عن مصالح شعبها وتبحث عن أفضل الشركاء الاقتصاديين في العالم، مثل روسيا والصين والولايات المتحدة وإيطاليا والهند، ما أدى إلى تراجع موقع فرنسا المفضل في علاقاتها مع الجزائر.

الأزمات بين الدول لا يمكن تفسيرها إلا من خلال دراسة المصالح. يبدو أن فرنسا، التي تحاول قيادة أوروبا عسكريًا في الحرب ضد روسيا، تسعى إلى السيطرة على الثروات الطبيعية لأوكرانيا، بالإضافة إلى محاولة إيجاد سوق أوروبية لبيع أسلحتها على حساب السلاح الأمريكي. قرار الاتحاد الأوروبي، الذي يلزم أوكرانيا بتقديم قائمة بالمواد الأولية الاستراتيجية والأساسية، يكشف بوضوح عن الرؤية الاستعمارية لهذه الدول، وتحويل إرسال جيوش أوروبية للدفاع عنها إلى مجرد احتلال مقنع.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…