‫الرئيسية‬ في الواجهة أحوال الناس بيروقراطية قاتلة بوهران ومناخ طارد: مستثمرون أجانب يصطدمون بجدار الإدارة الجزائرية
أحوال الناس - المحلي - 7 أبريل، 2025

بيروقراطية قاتلة بوهران ومناخ طارد: مستثمرون أجانب يصطدمون بجدار الإدارة الجزائرية

بيروقراطية قاتلة ومناخ طارد: مستثمرون أجانب يصطدمون بجدار الإدارة الجزائرية
 لم يتوانَ الرئيس عبد المجيد تبون في خطاباته المتكررة، عن انتقاد الإدارة الجزائرية، واصفًا إياها بأنها عائق حقيقي أمام التنمية وجلب الاستثمارات. وتجربة عائلة إيطالية حاولت تأسيس مشروع استثماري بسيط – مطعم في مدينة وهران – تقدّم نموذجًا صارخًا على ما وصفه الرئيس: إدارة تُدار بعقلية المصالح، لا القانون، ويغلب عليها الولاء السياسي أو الأيديولوجي، بدل المصلحة العامة.

العائلة الإيطالية، المكونة من زوج وزوجته، اختارت الجزائر بدافع الحب لهذا البلد ورغبة في الاستثمار فيه، بعد جولات شملت العاصمة، البليدة، ومدنًا غربية عدّة، استقر بهما الحال في وهران. تم استئجار محل وتحضير المشروع، إلا أن الرحلة تحوّلت سريعًا من حلم إلى سلسلة من العراقيل الإدارية العبثية.

ورغم الجهد الكبير الذي بذلته العائلة، لم تتمكن من الحصول على التراخيص اللازمة لفتح المطعم، رغم مرور أكثر من سنة من المتابعة. خلال هذه الفترة، واجه المستثمران الصغيران كل أشكال البيروقراطية، بدءًا من الحماية المدنية إلى مصالح الصحة والبيئة، وصولًا إلى إدارات أخرى بدت وكأنها تجهل – أو تتجاهل – تعليمات الحكومة بتسهيل الاستثمار.

الجهة الوحيدة التي أبدت حدًا أدنى من المهنية والاحترام كانت مصالح الأمن، التي تعاملت مع الملف بمرونة. أما باقي الإدارات، فإما كانت تماطل، أو تضع شروطًا تعجيزية، أو – كما يوحي السياق – تنتظر ما يُعرف بـ”حق المرور” غير الرسمي.

ما زاد من تعقيد الأمور، بحسب مقربين من الملف، هو تأثير بعض التيارات المتشددة داخل الإدارات المحلية، والتي تنظر إلى مشاريع مثل المطاعم من زاوية دينية ضيقة، بدل المنظور الاقتصادي والتنموي. وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي دفعت بعض المسؤولين المحليين إلى عرقلة الملف دون مبرر قانوني واضح.

ومع اضطرار العائلة الإيطالية إلى التنقل بشكل متكرر بين الجزائر وروما لتجديد التأشيرات، تحمّلت أعباء مالية ونفسية جسيمة، في ظل دعم لافت من القنصلية الجزائرية بإيطاليا التي لم تضع أي عراقيل في وجهها.

كان هذا المشروع البسيط قادرًا على خلق عدة مناصب عمل مباشرة لجزائريين في مدينة تعاني من البطالة. إلا أن تعنّت الإدارة وفوضى التسيير أفشلا المشروع، ودفعتا العائلة إلى التفكير جديًا في التراجع عن فكرتهم، والبحث عن بيئة استثمارية أكثر ترحيبًا، ربما في دول الجوار.

هذه القصة، وغيرها كثير، تكشف عن أزمة بنيوية في الإدارة الجزائرية، التي لا تزال تُدار بعقلية وصاية، وتحكمها الحسابات الشخصية والولاءات الضيقة، بدل خدمة الاقتصاد الوطني.

إذا كانت الجزائر جادة في استقطاب الاستثمار الأجنبي وتنويع اقتصادها، فإن أول ما يجب تغييره هو فلسفة الإدارة ذاتها. المطلوب ليس فقط قوانين جديدة، بل إرادة حقيقية لمكافحة البيروقراطية، وتحرير مناخ الأعمال من قبضة شبكات المصالح، وجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

المروك على حافة الانهيار الاقتصادي ويبحث منفذا عبر الجزائر

تكثّف دوائر المخزن في المروك خلال الأسابيع الأخيرة حملاتها الإعلامية الممولة عبر مقالات مد…