‫الرئيسية‬ الأولى أكاذيب مُعلّبة وبكائيات انتقائية: الجزائر… حصن منيع ضد فوضى الهجرة وعبث السماسرة
الأولى - مقالات - 23 مايو، 2025

أكاذيب مُعلّبة وبكائيات انتقائية: الجزائر… حصن منيع ضد فوضى الهجرة وعبث السماسرة

أكاذيب مُعلّبة وبكائيات انتقائية: الجزائر... حصن منيع ضد فوضى الهجرة وعبث السماسرة

في كل مرة تتخذ الجزائر قرارًا سياديًا يتعلق بحماية حدودها من موجات الهجرة غير الشرعية، تخرج بعض المنظمات غير الحكومية – ومعها أبواق إعلامية غربية مأجورة – لتكيل لها الاتهامات، وتنسج قصصًا درامية تفتقر للحد الأدنى من الموضوعية والمصداقية. وآخر هذه الحملات مقال نشرته صحيفة Le Monde الفرنسية، يُروّج لما أسماه “الطرد الجماعي للمهاجرين من الجزائر نحو صحراء النيجر”، مستخدمًا عبارات مشحونة بالعاطفة والتضليل المتعمد.

فلنكن واضحين منذ البداية، الجزائر ليست معبرًا مفتوحًا، ولا ساحة عبور لمهاجرين غير شرعيين تدفع بهم شبكات الاتجار بالبشر من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى الشمال في رحلة لا إنسانية يتحكم فيها السماسرة والمهرّبون. إن ما يسمى بـ”اللاجئين” أو “المرحلين” في روايات بعض وسائل الإعلام، ليسوا دائمًا أبرياء هاربين من ويلات الحروب، بل الكثير منهم دخلوا الجزائر بشكل غير قانوني، ويشاركون أحيانًا في شبكات الجريمة أو التهريب أو الفوضى.

الجزائر، كأي دولة ذات سيادة، من حقها بل من واجبها أن تحمي حدودها، وتنظّم وجود الأجانب على أراضيها. أين العيب في ذلك؟ هل أصبحت سيادة الدول تهمة في قاموس الغرب؟!

يتحدث مقال Le Monde وكأن النيجر بلد مستهدف، بينما يعلم الجميع – حتى في نيامي نفسها – أن البلاد تحوّلت إلى منطقة عبور لمهاجرين غير شرعيين، وتغضّ الطرف عن شبكات تهريب البشر المنتشرة على حدودها مع الجزائر وليبيا ومالي. فبدلًا من مهاجمة الجزائر، كان الأجدر بهذه المنظمات أن تسأل السلطات النيجيرية: لماذا لا توجد مراقبة حقيقية لحدودكم؟ ولماذا تتواطؤون مع عصابات التهريب؟

الجزائر تقوم بتسليم المرحّلين في “النقطة صفر” المتعارف عليها بين البلدين، ويتم استلامهم من طرف الجانب النيجري، أي أن العملية تتم في إطار اتفاقيات رسمية، وليس كما تحاول هذه المنظمات تصويره على أنه “ترك الناس تائهين في الصحراء”. فهل يعقل أن دولة بمؤسسات منظمة مثل الجزائر، تمارس أعمالًا همجية كما تدعي هذه الجمعيات؟ الواقع أن هذه الحملة تفتقد حتى لأبسط معايير العقل والمنطق.

الغريب في الأمر، أن هذه المنظمات لا تفتح فمها عندما تموت العشرات من المهاجرين غرقًا على أبواب أوروبا، ولا تصرخ عندما يتم احتجازهم في ظروف مهينة في مراكز الاستقبال في فرنسا، أو يُسجنون في بولندا، أو يُجبرون على العودة من إسبانيا عبر ترحيلات سرّية. فلماذا يصبح الأمر مأساة إن قامت به الجزائر، بينما هو “حماية للحدود” إذا فعلته باريس أو مدريد أو روما؟

أين كانت هذه المنظمات حين قامت قوات الأمن الفرنسية بهدم خيم اللاجئين في باريس وضربهم بالهراوات؟ أين كانت حين أغلقت إيطاليا موانئها في وجه قوارب الموت؟ أم أن الإنسانية انتقائية وتُفصّل حسب الهوية واللون والمصلحة الجيوسياسية؟

الجزائر تستقبل سنويًا عشرات الآلاف من المهاجرين، وتتكفل بعلاجهم، وتأويهم، وتقدّم لهم ما لا يجدونه في بلدانهم الأصلية. ومع ذلك، تتعرض لحملات تشويه، وكأنها الوحش في معادلة لا يراها الإعلام الغربي إلا بعين واحدة.

لماذا لا تتحمل فرنسا وأوروبا قسطها من المسؤولية؟ أليس الغرب هو من دمر ليبيا وفتح الباب للفوضى في منطقة الساحل؟ أليست سياسات فرنسا في إفريقيا سببًا مباشرًا في الفقر والنزوح والهجرة غير النظامية؟ فلماذا نُحمّل الجزائر نتائج مشاكل صنعها الاستعمار ولا يزال يغذيها بالوكالة؟

على هذه المنظمات أن تدرك أن الجزائر الجديدة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، لا تركع أمام الضغوط، ولا تقبل أن تكون كبش فداء في معركة إعلامية قذرة هدفها الضغط من أجل فتح الحدود وتمرير أجندات مشبوهة. أمننا القومي فوق كل اعتبار، والسيادة ليست موضوع تفاوض.

ولتعلم هذه الجهات أن الجزائر لا تقبل دروسًا في “الإنسانية” من دول تتعامل مع المهاجرين كأرقام، وتشيّد الجدران، وتُعيد اللاجئين قسرًا في صفقات مشبوهة مع دول أخرى.

نقولها بصراحة وبدون دبلوماسية مفرطة، من يريد أن يُملي على الجزائر كيف تحمي أمنها وحدودها، فليبدأ أولًا بتنظيف سجله الإنساني الملطّخ بدماء اللاجئين في المتوسط، والمهاجرين الذين تُستحل كرامتهم في شوارع أوروبا.

الجزائر لا تساوم على سيادتها، ولا تُرهبها تقارير مفبركة ولا ضغوط جمعيات وهمية، ومن كان في قلبه مرض فليبلعه مع سمّه.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

لقاء موسّع بين وزير الاتصال والنقابات…

يواصل وزير الاتصال زهير بوعمامة خطواته الميدانية لإعادة بعث ديناميكية جديدة في قطاع الإعلا…