‫الرئيسية‬ الأولى ثورة زراعية في عمق الصحراء… الوادي تقود الجزائر نحو الاكتفاء الذاتي
الأولى - اقتصاد - مال واعمال - 28 مايو، 2025

ثورة زراعية في عمق الصحراء… الوادي تقود الجزائر نحو الاكتفاء الذاتي

ثورة زراعية في عمق الصحراء… الوادي تقود الجزائر نحو الاكتفاء الذاتي
سجّلت ولاية الوادي، الواقعة جنوب شرق الجزائر، قفزة نوعية في إنتاج القمح خلال موسم 2025، حيث بلغت مردودية القمح اللين 70 قنطارًا للهكتار، في سابقة تُعدّ من بين الأعلى على المستوى الوطني. هذا الرقم يعكس التوجّه الرسمي نحو تحويل الجنوب إلى قطب استراتيجي لإنتاج الحبوب، مستفيدًا من توفر المياه الجوفية، أشعة الشمس الوفيرة، والدعم الحكومي المتزايد للمستثمرين الفلاحيين في المناطق الصحراوية.

وانطلقت، نهاية شهر ماي، حملة الحصاد وسط تعبئة كبيرة من قبل الديوان المهني الجزائري للحبوب (OAIC) الذي سخّر إمكانيات لوجستية ضخمة، من شاحنات وآلات حصاد حديثة، لنقل المحصول نحو الصوامع. وقد أشرف والي الولاية، العربي بهلول، رفقة رئيس المجلس الشعبي الولائي، على الانطلاقة الرسمية للحملة، من أحد الحقول النموذجية ببلدية بن ڤشة، القريبة من الحدود التونسية، حيث وقف على سير العملية في مزارع نموذجية كانت تعجّ بالشاحنات والآليات.

وخلال زيارته، صرّح الوالي للتلفزيون الجزائري أن الهدف المرسوم هو “ترسيخ ولاية الوادي كقطب وطني لإنتاج الحبوب والبذور الاستراتيجية”، مشيرًا إلى تخصيص موارد إضافية لتوسيع الربط بالكهرباء الزراعية وتكثيف المساحات المروية.

وقد أفاد مستثمرون في عين المكان بأنهم تلقوا دعمًا فعليًا من مصالح الفلاحة، سواء من حيث الإرشاد التقني أو تسهيل الوصول إلى البذور والأسمدة، مؤكدين أن المردودية تتراوح ما بين 50 و70 قنطارًا للهكتار، أي أرقام تتجاوز بكثير ما تحققه بعض مناطق الشمال، المعروفة بتراجع معدلات الأمطار.

في سياق متصل، استُذكر تصريح سابق لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال مشاركته في صالون الإنتاج الوطني في ديسمبر 2022، حين أكّد أن “الفلاح الذي يحقق 50 قنطارًا في الجنوب، لا يعادل سوى 18 قنطارًا في الهضاب العليا. في الجنوب، من لا يصل إلى 70 قنطارًا، فهو يضيّع وقته”. هذا التصريح يعكس سقف التحدي الذي حددته الدولة للزراعة الصحراوية، وهو ما بدأت نتائجه تظهر على الأرض.

من جهتها، باشرت تعاونية الحبوب والبقول الجافة (CCLS) شراء المحصول، حيث يُشترى القمح الصلب بـ6,000 دينار للقنطار، والقمح اللين بـ5,000 دينار، مع زيادة تقدّر بـ1,000 دينار للقنطار بالنسبة للبذور المخصصة للإكثار، ما يجعل النشاط مربحًا وفقًا لمستثمرين أكدوا أن عتبة الربحية تبدأ من 40 قنطارًا للهكتار.

وأشارت دراسة جامعية حديثة إلى أن من بين نقاط قوة منطقة الوادي وجود طبقات مائية تغذّيها أمطار الأطلس الصحراوي، ما يوفّر قاعدة مائية طبيعية تُسهّل الزراعة تحت نظام الري المحوري.

هكذا، لم تكتف ولاية الوادي بإثبات مكانتها في إنتاج البطاطا، بل بدأت ترسم معالم مستقبل زراعي جديد قائم على التحول نحو إنتاج الحبوب والبذور الاستراتيجية، في خطوة تؤكّد أن الصحراء الجزائرية لم تعد هامشًا فلاحياً، بل محورًا في معادلة الأمن الغذائي الوطني.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …