‫الرئيسية‬ في الواجهة الحدث الدولي الانزلاق الأوروبي الخطير.. ألمانيا تشعل فتيل المواجهة المباشرة مع روسيا
الدولي - الأولى - مقالات - 30 مايو، 2025

الانزلاق الأوروبي الخطير.. ألمانيا تشعل فتيل المواجهة المباشرة مع روسيا

الانزلاق الأوروبي الخطير.. ألمانيا تشعل فتيل المواجهة المباشرة مع روسيا
أشعل تصريح المستشار الألماني الجديد فتيل أزمة جديدة في قلب الحرب الروسية الأوكرانية، بعدما أعلن بشكل واضح أن ألمانيا ستدعم أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، في خطوة خطيرة تُنذر بتوسيع رقعة المواجهة وجرّ أوروبا إلى مواجهة مباشرة مع موسكو. هذه الصواريخ، التي يُرجح أن تكون من طراز “طوروس”، قادرة على ضرب العمق الروسي، وهو ما تعتبره روسيا خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه دون عواقب وخيمة.

هذا الإعلان الألماني يأتي ليقوض كل الجهود السياسية الرامية إلى احتواء الصراع، وعلى رأسها مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يحاول إعادة رسم ملامح السلام في المنطقة، لكنه يدرك في الوقت نفسه أن أي تصعيد إضافي قد يُخرج الوضع عن السيطرة.

الكرملين لن يتعامل مع هذا التصريح بوصفه موقفًا دبلوماسيًا، بل كإعلان نية عدائية، خاصة وأنه يحمل خلفية تاريخية شديدة الحساسية، تعيد إلى الأذهان مأساة الحرب العالمية الثانية، حيث فقدت روسيا أكثر من 27 مليون مواطن على يد آلة الحرب النازية الألمانية. من هذا المنطلق، من المؤكد أن موسكو ستأخذ الأمر على محمل الجد، وستنظر إلى ألمانيا كطرف مباشر في الحرب، لا مجرد داعم عسكري غير مباشر لكييف.

ما يزيد من خطورة التصعيد هو أن الغرب، وفق منظور روسيا، لم يعد شريكًا موثوقًا. تصريحات سابقة لقادة أوروبيين، مثل الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، أكدت أن اتفاقيتي مينسك، اللتين كان يفترض بهما أن تضعا حدًا للحرب، لم تكن سوى وسيلة لربح الوقت وتسليح أوكرانيا. هذه الاعترافات، التي وثّقتها وسائل إعلام غربية، أسقطت آخر ما تبقى من ثقة لدى روسيا في نوايا الغرب، ودفعته إلى التعامل مع أوروبا كعدو استراتيجي يسعى لتفكيك الاتحاد الروسي وتقويض نفوذه.

التصعيد الجديد لا يُهدد أوكرانيا وحدها، بل يفتح بابًا خطيرًا على مواجهة أوسع، قد تشمل كامل أوروبا الغربية، وتضع ألمانيا تحديدًا في مرمى الرد الروسي المباشر. موسكو لم تُخفِ يومًا عقيدتها العسكرية المبنية على الضربة الاستباقية، وهي، بحسب مراقبين، قد تبدأ بتعطيل شبكات الأقمار الصناعية والاتصالات، قبل أن تنتقل إلى استهداف مراكز القيادة، والمنشآت الصناعية الحيوية، في عمليات عسكرية مباغتة دون إنذار مسبق.

وفي هذا الإطار، تبدو أوكرانيا، التي يفترض أنها الطرف المدعوم، أول ضحايا التصعيد، إذ قد تتحول إلى أرض محروقة ومجال حرب شاملة، تنتهي بتحييدها قسرًا من المشهد. أما الأوروبيون، وعلى رأسهم برلين، فإنهم يلعبون بالنار، ويدفعون بقراراتهم المتسرعة نحو مواجهة قد لا يخرج منها أحد منتصرًا.

ولعل العقوبات الأخيرة التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، والتي شملت محاولات لخفض أسعار النفط الروسي ومنع عبور ناقلاته، زادت من حدة التوتر، وجعلت موسكو تلوّح برد حازم قد يتجاوز البُعد الاقتصادي إلى الميدان العسكري.

فإن تصريح المستشار الألماني الجديد لا يمكن النظر إليه إلا باعتباره نقطة تحوّل خطيرة في مسار الصراع، يُعيد خلط الأوراق، ويضع أوروبا على أعتاب مواجهة لم تتأهب لها بعد. موسكو، التي تعتبر أمنها القومي خطًا أحمر، لن تتردد في الرد. والغرب، الذي فقد كل أدوات الضغط الفعالة، يقف الآن أمام مرآة الحقيقة: مواجهة روسيا ليست لعبة سياسية، بل مسألة وجود، وحين تبدأ الحرب الفعلية، لن تُستثنى منها حتى واشنطن.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء

صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…