تحالف جزائري–إيطالي جديد يعمّق عزلة فرنسا في المتوسط
يشرع الرئيس عبد المجيد تبون في زيارة رسمية إلى إيطاليا في إطار انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، وقد خصصت له إيطاليا استقبالًا بروتوكوليًا مهيبًا يعكس عمق العلاقات وقوة التقارب الجزائري-الإيطالي، الذي تعزز منذ تولّي الرئيس تبون رئاسة الجمهورية.
تعود جذور العلاقات الجزائرية-الإيطالية إلى فترة حرب التحرير، حيث أبدت إيطاليا دعمًا واضحًا للجزائر، وتواصل هذا الدعم حتى بعد الاستقلال، ليبلغ ذروته خلال فترة التسعينيات حين كانت الجزائر تمر بأزمة أمنية واقتصادية خانقة. كانت إيطاليا الدولة الأوروبية الوحيدة التي فتحت مصارفها أمام الجزائر، في وقت فرضت فيه فرنسا عزلة سياسية خانقة على البلاد خلال رئاسة فرانسوا ميتران، الذي لم يدخر جهدًا في محاولة عزل الجزائر دوليًا.
وقد نقل وزير الخارجية الإيطالي بأن الجزائريين دائمًا ما يمازحونه بأن اسمه “جزائري”، إذ يُشبه اسم “طاجاني” اسم “تيجاني”، وكان يعبّر باستمرار عن سعادته بحفاوة الاستقبال من طرف الجزائريين، سواء عندما كان مفوضًا أوروبيًا أو رئيسًا للبرلمان الأوروبي. وقد أثّرت فيه تلك العلاقة الودية بعمق، وكان يردد دائمًا بأن الجزائريين يعتبرونه “واحدًا منهم”.
العلاقات الجزائرية-الإيطالية تعززت مؤخرًا بشكل ملحوظ، من خلال استثمارات استراتيجية في مجالات متعددة، منها تركيب السيارات والفلاحة خاصة في جنوب الجزائر. ومن المتوقع أن تعرف هذه العلاقات مزيدًا من التطور، على عكس العلاقات المتوترة مع فرنسا، التي لم تُبدِ أي نية حقيقية للاستثمار في الجزائر، وظلت تُمارس نفس السياسة الاستعمارية المعهودة، المتمثلة في الاستغلال دون مقابل.
كما سيقوم الرئيس تبون خلال زيارته بلقاء البابا في الفاتيكان، الذي يُعرف بحبه للجزائر، كونه من أتباع القديس أوغسطين، ابن مدينة سوق أهراس، الذي عاش في عنابة، حيث لا تزال كنيسته قائمة إلى اليوم، فيما تُحفظ رفاته في الفاتيكان. وكان الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة قد طالب بإعادة رفاته لدفنه في مسقط رأسه. وتشير المعلومات إلى أن الرئيس تبون سيوجه دعوة رسمية للبابا لزيارة الجزائر، وهي دعوة يُتوقع أن تلقى ترحيبًا من البابا، الذي عبّر سابقًا عن رغبته في زيارة الجزائر.
وقد تفتح زيارة البابا المرتقبة آفاقًا جديدة للسياحة الدينية في الجزائر، خاصة لدى المسيحيين الكاثوليك حول العالم، نظرًا لوجود رموز مسيحية بارزة في الجزائر، على غرار القديس أوغسطين، والقديس دونات، ابن مدينة مداوروش، الذي كان من أتباع المذهب الأريوسي التوحيدي.
زيارة الرئيس تبون إلى روما تُثير قلق فرنسا بشكل كبير، نظرًا لأن إيطاليا تُعدّ فاعلًا مؤثرًا داخل الاتحاد الأوروبي، الذي تسعى فرنسا دومًا إلى تعبئته ضد الجزائر. وتمتلك إيطاليا، عبر رئيسة وزرائها جورجيا ميلوني، القدرة على كبح الهيمنة الفرنسية داخل الاتحاد، خاصة وأن ميلوني سبق وأن هددت عدة مرات بانفصال بلادها عن الاتحاد الأوروبي، بل ودعت إلى تغيير عاصمة الاتحاد من بروكسل إلى روما، مذكّرة بأن السوق الأوروبية المشتركة انطلقت من العاصمة الإيطالية، وأن الجزائر كانت تخضع لنظام خاص داخل تلك السوق، ما يجعلها أحد المؤسسين الفعليين للاتحاد الأوروبي، كما تشير معاهدة روما.
زيارة الرئيس تبون إلى روما من شأنها أن تُربك حسابات ماكرون وأعوانه، وتُفشل المؤامرات التي تُحاك بالتنسيق مع المغرب والاحتلال الإسرائيلي، بمساعدة جيش من “الحركى الجدد” الذين لا يتوقفون عن النباح ليل نهار، في محاولة يائسة للتأثير على الداخل الجزائري وتأليبه ضد قيادته. الرد الجزائري هذه المرة سيكون ألمًا مضاعفًا لفرنسا، وصوتًا مدويًا في أروقة الاتحاد الأوروبي.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
الجزائر لا تُنسى… ومن يتجاهلها يُخطئ في حقّ الوفاء
صرّح ممثل حركة “حماس” في الجزائر، للإذاعة الجزائرية الدولية، بشأن التصريحات ال…