“الفجر الملعون”… رواية الوعي والتمرد في أدب رياض غواط
يشهد الأدب الجزائري المعاصر بروز أصوات شابة تحمل وعياً جديداً ورؤى فكرية جريئة تتجاوز السرد التقليدي نحو أفقٍ من التأمل الفلسفي والبحث عن المعنى. ومن بين هذه الأسماء يبرز الكاتب رياض غواط، أستاذ اللغة الفرنسية وأحد ممثلي الجيل الأدبي الجديد في الجزائر. خريج المدرسة العليا للأساتذة بسطيف وجامعة السوربون الجديدة – باريس 3، يجمع غواط في فكره بين النزعة الفلسفية والوعي الإنساني، ويعتبر الكتابة وسيلة لإعادة التفكير في معنى الوجود لا مجرد أداة للتعبير الجمالي.
في عمله الأول «الفجر الملعون – L’aurore maudite»، الصادر عن دار الماهر للنشر والتوزيع، يقدم غواط تجربة سردية تمزج بين الفلسفة والخيال، بين الفكر والتأمل. فالعنوان نفسه يكشف جوهر الفكرة: الفجر الملعون ليس ضوءاً عادياً يبشّر ببداية يوم جديد، بل إشراقة مغايرة تولد من عمق العتمة، ومن وجع الأسئلة الوجودية التي تلاحق الإنسان في زمن التيه والاضطراب. بأسلوب دقيق ولغة شاعرية ذات نفس فلسفي، يتتبّع الكاتب تصدّعات الذات المعاصرة وسط عالمٍ يختلط فيه الحلم بالخذلان، والإيمان بالعبث، والوعي بالضياع.
الشخصيات في الرواية ليست أدواتٍ للسرد، بل مرايا تعكس وجع الإنسان الحديث في بحثه عن المعنى والخلاص. فكل فصل من «الفجر الملعون» يحمل بعداً تأملياً يعيد القارئ إلى ذاته، ويدعوه إلى التفكير بدلاً من التلقي. إنها رواية تسائل أكثر مما تحكي، وتستفزّ القارئ أكثر مما تُرضيه، لأن غواط يكتب من أجل السؤال لا من أجل الإجابة.
اختار الكاتب أن يعلن عن عمله الأول في المسرح البلدي لسطيف، في لقاءٍ أدبي جمع قرّاءً ونقّاداً ومهتمين بالشأن الثقافي. وخلال الندوة، عرض غواط فكرته حول العمل، وتحدث عن أبعاده الإنسانية والفكرية، قبل أن يعقب ذلك حفل توقيع شهد حضوراً لافتاً وتفاعلاً واسعاً من الجمهور، مما أكد مكانته كأحد الوجوه الأدبية الصاعدة في المشهد الثقافي الجزائري.
كما سيواصل حضوره الثقافي ضمن فعاليات الصالون الدولي للكتاب بالجزائر (سيلا)، حيث سيشارك في جلسات توقيع ولقاءات مع القرّاء يومي 30 و31 أكتوبر، لمناقشة تجربته الأدبية الأولى ومشاركة رؤيته حول الكتابة كفعل وعي وتمرد.
رياض غواط يكتب لا ليحكي، بل ليفكّر. في «الفجر الملعون» لا يبحث عن النور بقدر ما يسائل ثمنه، ولا يصف العالم بقدر ما يحاكم صمته. إن روايته تذكّر القارئ بأن الضوء لا يولد إلا من وجعٍ ما، وأن الكتابة ليست ترفاً جمالياً بل لحظة يقظة في وجه العتمة. إنه فجر مختلف، يشرق على جراح الإنسان المعاصر، ليؤكد أن الأدب الحقّ هو وعي وتمرد، لا مجرد حكاية تُروى.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
رواية «أهداب الصبح» لوفاء خالد… شهادة أدبية على وجع جيل وحلم وطن
تقدّم الكاتبة الجزائرية وفاء خالد في روايتها الأولى «أهداب الصبح» عملاً روائياً يقترب من ب…







