«مقهى الذكريات»… بثينة حجيج تُحوِّل الذاكرة إلى زمنٍ يُروى
تواصل الكاتبة الجزائرية بثينة حجيج حضورها في المشهد السردي من خلال روايتها الجديدة «مقهى الذكريات»، وهي عمل روائي يلامس الجانب الإنساني والزماني في تجربة الذاكرة، عبر مقاربة تجمع بين الخيال والواقعية النفسية، وتعيد مساءلة العلاقة بين الزمن والإنسان والذاكرة في صيغة سردية رصينة وشفافة.
تطرح الرواية فكرة غير مألوفة تدور أحداثها في مقهى غامض خارج حدود الزمن، تتقاطع فيه مصائر شخصيات مختلفة تجمعها الذاكرة أكثر مما تفرقها الحياة. تبدأ الحكاية بوفاة البطلة «إيلا» في حادث سير، لتجد نفسها عالقة بين الحياة والموت داخل ذلك المقهى، شاهدة على قصص الزوار الذين يمرون به وعلى ذكرياتهم التي تختزل الحنين والخيانة والخسارة في آنٍ واحد.
ولا يقتصر «مقهى الذكريات» على كونه فضاءً للأحداث، بل يتحول إلى رمز للزمن المعلّق وللرغبة الإنسانية العميقة في العودة إلى الماضي مهما كان الثمن. تمتد الرواية على 104 صفحات، وتتميز ببنائها المتماسك ولغتها الهادئة المتزنة التي تمزج بين الواقعي والماورائي، لتصوغ عالماً تتجاور فيه الحياة والموت والذاكرة في مساحة واحدة، حيث يتحول المكان إلى مرآة للروح الإنسانية.
تنجح بثينة حجيج في تحويل المقهى إلى استعارة للذات البشرية التي تختزن حكاياتها وتعيد سردها في صيغ مختلفة، مؤكدة من خلال النص أن النجاة لا تتحقق بالهرب من الماضي، بل بمواجهته وفهمه والتصالح معه. ومن خلال لغتها العاطفية المنضبطة، تقدم الكاتبة سرداً انسيابياً يوازن بين التأمل والحدث، ويتيح للقارئ تتبّع التحولات النفسية للشخصيات ضمن رؤية فكرية واضحة ومتماسكة.
تعتمد الرواية على رمزية عميقة لتطرح أسئلة حول الذاكرة والفقد والهوية، وتدعو القارئ إلى التأمل في معنى الزمن، وفي قدرة الإنسان على استعادة ذاته من خلال الحكاية. وهي بذلك تواصل مشروع الكاتبة السردي الذي يرتكز على البعد الإنساني والنفسي، في رؤية تضع المشاعر والتجربة الداخلية في قلب النص الأدبي.
بثينة حجيج، كاتبة جزائرية شابة متحصلة على شهادة تقني سامٍ في تسيير الموارد البشرية، أثبتت حضورها بثقة في الساحة الأدبية من خلال أعمالها التي تستكشف العمق الإنساني والبعد الوجداني للشخصية. من مؤلفاتها: «مقهى الذكريات»، «شتاء دافئ»، «لقاء الموت»، إضافة إلى مشاركاتها في كتب جماعية مثل «خبايا الروح» و**«مشاعر مقدسة»**.
بروايتها الجديدة، ترسخ بثينة حجيج موقعها كصوت سردي صاعد في الأدب الجزائري المعاصر، يوظف الذاكرة كأداة فنية للتعبير عن التجربة الإنسانية في علاقتها بالزمن، مؤكدة أن الأدب لا يكتفي بتوثيق الحكايات، بل يعيد قراءتها من منظور الوجدان والوعي، لتغدو الرواية مرآة للروح وللعلاقة الأبدية بين الإنسان والزمن.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
رواية «أهداب الصبح» لوفاء خالد… شهادة أدبية على وجع جيل وحلم وطن
تقدّم الكاتبة الجزائرية وفاء خالد في روايتها الأولى «أهداب الصبح» عملاً روائياً يقترب من ب…







