‫الرئيسية‬ الأولى من رحم الألم تولد الحكاية… بلطرش أمينة تكتب لتُشفي
الأولى - فنون وثقافة - ‫‫‫‏‫6 أيام مضت‬

من رحم الألم تولد الحكاية… بلطرش أمينة تكتب لتُشفي

من رحم الألم تولد الحكاية... بلطرش أمينة تكتب لتُشفي
تحوّل الكاتبة والروائية الجزائرية بلطرش أمينة الألم إلى فعل إبداع، وتعيد للأدب وجهه العلاجي الإنساني من خلال تجربة تمزج بين البوح والوعي، وبين المعاناة والأمل. استطاعت أن تجعل من الكتابة طريقًا نحو الشفاء، لا بوصفها ترفًا فكريًا، بل وسيلة لمصالحة الجسد مع الروح، والواقع مع الحلم.

قدّمت الكاتبة في روايتها الأولى “بين ربيع الأمل وخريف المرض”، الصادرة سنة 2023 عن دار المثقف للنشر، شهادة أدبية صادقة عن رحلة امرأة تواجه مرضًا عصبياً عضلياً نادرًا، لكنها تختار أن تحوّل التجربة إلى طاقة نور تبعث الأمل في نفوس الآخرين. في 277 صفحة، تتنقل الرواية بين لحظات الألم وومضات الشفاء، كاشفة عن عمق التجربة الإنسانية حين تصير الكتابة مرآة للنجاة. لم يكن النص سردًا لسيرة ذاتية، بل عملاً أدبيًا نفسيًا يمزج بين التخييل والاعتراف، بين الجسد الذي يضعف والروح التي ترفض الانكسار.

ومن خلال هذا العمل، استطاعت الكاتبة أن تتجاوز الإطار الأدبي البحت لتقدّم نموذجًا لما يمكن تسميته بـ”الأدب العلاجي”، إذ تحوّلت الرواية إلى مرجع نفسي وروحي يستلهم منه المصابون بمرض الوهن العضلي طاقة على الصبر والتكيّف. وقد لاقت الرواية صدى واسعًا، تُرجم إلى اهتمام نقدي وجماهيري تُوّج بترجمتها إلى اللغة الفرنسية سنة 2024 على يد المترجمة معوش لطيفة تحت عنوان «Entre le malheur et l’espoir il y a une maladie»، قبل أن تصدر طبعتها الثانية سنة 2025 عن دار الكاتب للنشر، وتشارك بها الكاتبة رسميًا في معرض الجزائر الدولي للكتاب (سيلا 2025) ضمن الجناح رقم 08.

بعد هذا النجاح، واصلت بلطرش أمينة مسارها الإبداعي بإصدار عملها الثاني “تحت ظل أمي” عن دار جودة للنشر، وهو نص وجداني عميق يحتفي بالأم كرمز للحب والسكينة والوجود، حيث تصوغ الكاتبة سردًا دافئًا يفوح حنينًا وامتنانًا، وتعيد من خلاله تعريف الأم بوصفها الظلّ الذي يمنح للحياة معناها الأجمل.

تواصل الكاتبة اليوم تحضير الجزء الثاني من روايتها الأولى إلى جانب مشاريع أدبية جديدة تشمل قصصًا قصيرة وأعمالًا بحثية في علم النفس المدرسي والعيادي، مؤكدة التقاء الأدب بالعلم في رؤيتها للكتابة كأداة للوعي والشفاء في آنٍ واحد. ولم يمرّ هذا الحضور الأدبي والإنساني دون تقدير، إذ حظيت بتكريم من المكتبة العمومية الرئيسية آسيا جبار بتيبازة، كما شاركت في برامج تلفزيونية وإذاعية سلطت الضوء على تجربتها الفريدة.

تحمل الكاتبة ليسانسًا في علم النفس العيادي (دفعة 2008) وهي طالبة ماستر في علم النفس المدرسي (دفعة 2025)، ما يمنح أعمالها عمقًا علميًا ونفسيًا واضحًا. من خلال كتابيها “بين ربيع الأمل وخريف المرض” و*”تحت ظل أمي”*، تؤكد أن الأدب ليس مجرد انعكاس للحياة، بل وسيلة لفهمها ومداواتها.

بلطرش أمينة لا تكتب عن الألم فحسب، بل تكتب من داخله لتصنع معنى يتجاوز المعاناة، وتثبت أن الكتابة يمكن أن تكون فعل شفاء، وأن الأمل قد يزهر حتى في خريف المرض.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

العقرب الملائكي.. رواية تكشف الوجه الخفي لمعاناة المرأة بين القيد والنهضة

تطرح الكاتبة غنّام جمعة في روايتها الجديدة “العقرب الملائكي” عملاً سردياً لافت…