مجلس الأمن يثبّت المينورسو لعام كامل… وملف الصحراء الغربية يبقى تحت وصاية الشرعية الدولية
اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2797 لسنة 2025 المتعلق بملف الصحراء الغربية بعد نقاشات طويلة وصياغات تفاوضية قادتها الولايات المتحدة داخل المجلس. وقد حظي القرار بتأييد 11 دولة، فيما امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، بينما اختارت الجزائر عدم المشاركة في عملية التصويت، وهو موقف دبلوماسي محسوب بدقة يعكس رفضًا واضحًا للتوجه الأميركي الجديد من دون الانخراط في منطق المواجهة داخل القاعة. ورغم الجدل الذي رافق صياغته، فإن أهم ما يحمله القرار عمليًا هو تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة 12 شهرًا كاملة، إلى غاية 31 أكتوبر 2026، في خطوة تُعيد قدراً من الاستقرار للبعثة بعد سنوات من التجديدات القصيرة التي كانت تعكس ضبابية سياسية على مسار العملية الأممية.
وبرغم محاولات الدفع الأميركي لإبراز المقترح المغربي حول الحكم الذاتي، فإن القرار حافظ نصيًا على الأساس القانوني للنزاع بوصفه قضية غير محسومة تخضع لقواعد ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة مبدأ تقرير المصير. فالوثيقة الأممية أعادت التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، وعلى الدور المركزي للمبعوث الشخصي ستافان دي ميستورا في تيسير مفاوضات مباشرة تشمل المغرب وجبهة البوليساريو، بمشاركة الجزائر وموريتانيا ضمن عملية سياسية رباعية تستهدف إحياء المسار الأممي المتوقّف. ورغم إدراج عبارة تفيد بأن «الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر جدوى»، فإن هذه الإشارة تبقى توصيفًا سياسيًا تبنته بعض الدول، ولا تحمل أي قوة قانونية لإعادة تعريف وضع الإقليم، الذي لا يزال مُدرجًا في لوائح الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار.
ويشير القرار بشكل واضح إلى أن الوضع النهائي للصحراء الغربية لا يمكن أن يُفرض من طرف واحد، بل يتطلب توافقًا سياسيًا يحترم مبادئ الأمم المتحدة، بما فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها. كما يؤكد القرار على ضرورة احترام وقف إطلاق النار وتجنب أي خطوات قد تهدد العملية السياسية، وهي نقطة حساسة في ظل التوتر الميداني القائم منذ الإعلان عن انهيار اتفاق وقف إطلاق النار سنة 2020. وفي سياق إنساني متصل، عبّر مجلس الأمن عن «قلق بالغ» إزاء نقص التمويل الموجّه للاجئين الصحراويين، داعيًا المانحين إلى تقديم الدعم الضروري لتغطية الاحتياجات الأساسية داخل المخيمات، وهو اعتراف أممي صريح باستمرار الأزمة الإنسانية كنتاج مباشر لعدم وجود حل سياسي.
ويُلزم القرار الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم مراجعة استراتيجية خلال ستة أشهر بشأن مستقبل ولاية المينورسو، في خطوة تُظهر رغبة بعض الأطراف في الدفع نحو تقييم شامل لدور البعثة وحدود مهامها. غير أن هذه الخطوة في حدّ ذاتها لا تلغي أن البعثة الأممية لا تزال تمثل الآلية الوحيدة المعترف بها دوليًا للحفاظ على التهدئة الميدانية ومتابعة الملف سياسيًا. كما أن التجديد السنوي طويل الأمد يعكس اعترافًا أمميًا بأن النزاع لم يُحسم، وأن العملية السياسية بحاجة إلى وقت وزخم وشروط موضوعية لإعادة بنائها.
وتشير القراءة الموضوعية للقرار إلى أن مجلس الأمن، رغم الضغوط والتوازنات داخل أروقته، لم يتبنَّ أي حسم للنزاع وفق الرؤية التي تروّج لها الرباط، وإنما حافظ على الإطار الأممي القائم، مع إضافة صياغات سياسية لا تغيّر الوضع القانوني الدولي للإقليم. وفي الوقت نفسه، يؤكد التمديد لسنة كاملة أن ملف الصحراء الغربية سيبقى في صلب أعمال الأمم المتحدة خلال المرحلة المقبلة، وأن أي محاولة لتجاوزه أو فرض حلول من خارج الإطار الأممي ستظل مرفوضة، سواء من الناحية القانونية أو من زاوية موازين القوى داخل مجلس الأمن نفسه.
وهذا نص القرار في صيغته النهائية كما اعتمده مجلس الأمن اليوم الجمعة تحت رقم 2797 (2-25):
إن مجلس الأمن،
1- إذ يستذكر ويؤكد جميع قراراته السابقة بشأن الصحراء الغربية؛
2- إذ يعرب عن دعمه الكامل للأمين العام ومبعوثه الشخصي، ستيفان دي ميستورا، في جهودهما الرامية إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن ودفع العملية السياسية إلى الأمام، بما في ذلك من خلال مواصلة المشاورات بين المبعوث الشخصي والمغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا للبناء على التقدم المحرز؛
3- إذ يؤكد مجددًا التزامه بمساعدة الطرفين على التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، قائم على التوافق، ويتماشى مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك مبدأ تقرير المصير، وإذ يلاحظ دور الطرفين ومسؤولياتهما في هذا الصدد؛ وإذ يؤكد على ضرورة التوصل إلى حل لهذا النزاع على وجه السرعة؛ وإذ يدرك الزخم والإلحاح، ويقر أيضًا بالدور الهام لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية في دعم المبعوث الشخصي للتوصل إلى حل سياسي مقبول للطرفين؛
4- وإذ يحيط علماً في هذا السياق بالدعم الذي أعربت عنه العديد من الدول الأعضاء لمقترح الحكم الذاتي المغربي، المقدم في 11 نيسان/أبريل 2007 إلى الأمين العام، كأساس لحل عادل ودائم ومقبول للطرفين للنزاع؛ وإذ يؤكد أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر جدوى؛ وإذ يرحب كذلك بالتزام أعضاء المجلس بتسهيل التقدم؛
5- وإذ يرحب بمبادرة المبعوث الشخصي لعقد اجتماع بين الطرفين للبناء على الزخم واغتنام هذه الفرصة غير المسبوقة لتحقيق سلام دائم؛ وإذ يحث على تقديم الدعم الكامل والمشاركة بحسن نية في المفاوضات؛ وإذ يعرب عن تقديره للولايات المتحدة لاستعدادها لاستضافة المفاوضات تعزيزاً لمهمة المبعوث الشخصي في التوصل إلى حل للصحراء الغربية والمنطقة؛
6- وإذ يؤكد على أهمية احترام وقف إطلاق النار وتجنب أي عمل من شأنه أن يعرض العملية السياسية للخطر؛
7 – إذ يلاحظ بقلق بالغ نقص التمويل المخصص للاجئين الصحراويين، ويشجع الجهات المانحة بشدة على تقديم أموال إضافية؛
وبعد الاطلاع على تقرير الأمين العام (S/2025/612) المؤرخ 30 سبتمبر/أيلول 2025
– يقرر تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2026؛
– ويعرب عن دعمه الكامل للأمين العام ومبعوثه الشخصي في تيسير وإجراء مفاوضات، استنادًا إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول للطرفين للنزاع، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، ويرحب بأي اقتراحات بناءة من الطرفين استجابةً لمقترح الحكم الذاتي؛
– يدعو الطرفين إلى المشاركة في هذه المناقشات دون شروط مسبقة، على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول للطرفين، يكفل تقرير مصير شعب الصحراء الغربية، ويقر بأن الحكم الذاتي الحقيقي يمكن أن يمثل النتيجة الأكثر جدوى، ويشجع الطرفين على تقديم أفكار لدعم حل نهائي مقبول للطرفين؛
– يدعو الدول الأعضاء إلى تقديم المساعدة والدعم المناسبين لهذه المفاوضات ولجهود المبعوث الشخصي؛
– يطلب من الأمين العام تقديم إحاطات إلى مجلس الأمن بانتظام، وفي أي وقت يراه مناسبًا خلال فترة الولاية، ويطلب كذلك من الأمين العام، في غضون ستة أشهر من تجديد هذه الولاية، تقديم مراجعة استراتيجية بشأن ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) المستقبلية، مع مراعاة نتائج المفاوضات؛
– يقرر إبقاء المسألة قيد نظره.
اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
مجلس الوزراء.. الرئيس تبون يرسم ملامح الجزائر الحديثة
ترأس رئيس الجمهورية، السيّد عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الو…






