‫الرئيسية‬ الأولى برونو ريتايو يلوّح بالاستقالة… والجزائر في خلفية التجاذب داخل الحكومة الفرنسية
الأولى - الوطني - مقالات - 3 يونيو، 2025

برونو ريتايو يلوّح بالاستقالة… والجزائر في خلفية التجاذب داخل الحكومة الفرنسية

برونو ريتايو أمام وزارة الداخلية الفرنسية - جدل حول النظام الانتخابي وتأثير الجالية الجزائرية
 فجّر وزير الداخلية برونو ريتايو، في خضم الجدل السياسي المتصاعد داخل الحكومة الفرنسية حول إصلاح النظام الانتخابي واعتماد النسبية، مفاجأة من العيار الثقيل بإعلانه أن “جميع الخيارات مفتوحة”، بما في ذلك تقديم استقالته، في حال تم فرض النظام الجديد الذي يدافع عنه فرانسوا بايرو، حليف الرئيس إيمانويل ماكرون.

لكن خلف هذا التوتر الداخلي، تشير تقارير إعلامية فرنسية وتحليلات لخبراء استراتيجيين إلى أن الجزائر ليست بعيدة عن خلفية هذا الصراع، بل تشكل محورًا غير معلن في حسابات وزارة الداخلية الفرنسية، لما تمثله من ثقل ديمغرافي وجيوسياسي حساس في ملفات الهجرة، الأمن، والتوازنات الانتخابية.

حسب تحقيق نشره الصحفي لوكاس بورييل في Le Nouvel Observateur، يخشى وزير الداخلية أن يؤدي إدخال نظام النسبية إلى تعزيز تمثيل أصوات الجاليات، لاسيما المغاربية، في البرلمان، وهو ما قد ينعكس على مسار التشريعات المرتبطة بالهجرة، الأمن، والعلاقة مع دول الجنوب، وعلى رأسها الجزائر. ويقول جان دومينيك ميرشال، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI): “المخاوف من النسبية لا تقتصر فقط على التوازنات الحزبية، بل تمتد إلى التخوف من بروز كتل نيابية تمثل الجاليات المغاربية، قد تُضعف هامش تحرك وزارة الداخلية في ملفات استراتيجية حساسة مثل مكافحة الإرهاب أو ضبط التأشيرات الثنائية.”

رغم أن ريتايو لم يأت على ذكر الجزائر صراحة، إلا أن المتابعين يرون أن وزير الداخلية الحالي تبنى منذ تعيينه خطًا متشددًا تجاه ملفات الهجرة و”الأمن الثقافي”، وقد كان من أبرز الداعمين لتقليص منح التأشيرات للجزائريين عام 2022، وفق ما نشرته Le Monde آنذاك. أما الباحث السياسي ستيفان ديلاكروا من معهد IRIS، فأكد أن “سياسة ريتايو متأثرة بحساسيته تجاه الجزائر، التي يرى فيها ملفًا مزدوجًا: إرثًا استعمارياً شائكًا من جهة، وتحديًا أمنياً من جهة أخرى، وهو ما يجعله يرفض أي إصلاح انتخابي قد يعطي تمثيلًا سياسيًا أقوى لأبناء الجالية الجزائرية.”

في تحليل لها نشرته Mediapart، كشفت الصحفية ماري تورنييه أن الخلاف بين بايرو وريتايو لا يتعلق فقط بنظام انتخابي، بل أيضاً بخلفية سياسية عميقة ترتبط بتصور كل منهما لدور الجاليات والاندماج. فبينما يدافع بايرو عن تمثيل أوسع للفرنسيين من أصول غير أوروبية، يرى ريتايو أن ذلك قد يُضعف “الهوية الجمهورية الصلبة”، بحسب وصفه في مقابلة إذاعية سابقة على France Inter.

لا يبدو أن الجزائر ستبقى بعيدة عن تداعيات هذه التوترات. فكل تشدد فرنسي في ملف التأشيرات أو الأمن الداخلي ينعكس على التعاون الثنائي. ويرى الصحفي الفرنسي جان مارك ليفي في تحليل نشره في Libération أن “رحيل ريتايو سيكون مكسبًا دبلوماسيًا للجزائر، بينما بقاؤه سيعني استمرار خط متشدد تجاهها”.

صراع ريتايو – بايرو ليس مجرد خلاف على نظام انتخابي، بل يمثل صراعًا أعمق على توجهات فرنسا المستقبلية، هل تنفتح على تمثيل أكبر لجالياتها، وتراجع إرثها الاستعماري؟ أم تتمسك بصرامة أمنية تعيد إنتاج التوتر مع الجنوب؟ وبين هذا وذاك، تبقى الجزائر حاضرة بقوة، ولو من وراء الستار، في قلب المعادلة السياسية الفرنسية.


اكتشاف المزيد من المؤشر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليق

‫شاهد أيضًا‬

القضاء يطوي صفحة ساركوزي.. أول رئيس فرنسي يدخل السجن يوم 21 أكتوبر

يدخل نيكولا ساركوزي التاريخ من أوسع أبوابه، لا كرجل دولة استثنائي كما أراد لنفسه ذات يوم، …