مراهقة تسير عكس التيار… تجربة فكرية مبكرة تُدهش القُرّاء
تُثبت الكاتبة الجزائرية هاجر فراحتية أن المراهقة ليست مرحلة اضطراب كما يُشاع، بل زمن وعي وتشكّل فكري يمكن أن يُكتب بالحبر والصدق. ففي مشهد أدبي عربي يشهد حراكًا متسارعًا وظهور أقلام شابة تبحث عن صوتها الخاص، تبرز فراحتية كاسمٍ واعد استطاع أن يمنح المراهقة بعدًا فكريًا جديدًا، وأن يعبّر عنها بلغة ناضجة بعيدة عن الصورة النمطية التي اختزلتها في التمرد والانفعال.
أصدرت هاجر فراحتية في سن السادسة عشرة فقط كتابها الأول «مراهقة تسير عكس التيار» سنة 2023، لتؤكد أن النضج لا يرتبط بالعمر بقدر ما يرتبط بالقدرة على التعبير الصادق عن الذات. هذا العمل، الذي صدر أولًا باللغة الإنجليزية، حظي باهتمام واسع داخل الجزائر وخارجها، إذ قدّمه النقاد كصوتٍ جديد لجيلٍ من الشباب يسعى إلى أن يُسمَع بدل أن يُحكم عليه، ويطمح إلى تغيير نظرة المجتمع نحو المراهقة بوصفها مرحلة بناء لا فوضى. تتناول الكاتبة في عملها المراهقة كرحلة بحث عن الذات ومواجهة صادقة مع الأسئلة الكبرى للهوية والحرية والمسؤولية. بأسلوب بسيط وعميق، تكتب عن التمرد الإيجابي وعن تلك المسافة الحساسة بين ما يريده الجيل الجديد وما يُفرض عليه من قوالب اجتماعية جاهزة. لا تدّعي الكمال ولا تقدم حلولًا نهائية، بل تفتح باب النقاش بين المراهقين وذويهم، داعيةً إلى حوارٍ يُعيد بناء الثقة بين الأجيال ويخفف من فجوة الفهم. تقول هاجر في أحد مقاطع الكتاب عبارة تلخّص روح تجربتها: «أن تكون نفسك ليس تمردًا، بل احترامًا لصوتك الداخلي.» هذه الجملة تحوّلت إلى شعار لجيلٍ من الشباب الجزائريين الذين وجدوا في كتابها مرآةً لأفكارهم ومشاعرهم، ورسالة تشجعهم على الصدق مع ذواتهم وعدم الخضوع للنمط الاجتماعي المفروض. يرى النقاد أن الكتاب لا يمثل مجرد تجربة ذاتية، بل مشروع وعيٍ لجيلٍ جديد يعبّر عن نفسه بجرأة بلغات وأساليب حديثة. إنه نصّ يقدّم المراهقة كمرحلة تفكير وتشكّل فكري، لا كزمنٍ من الفوضى والانكسار. كما أنه يعيد الاعتبار إلى الأدب الشبابي باعتباره مساحةً حرة لتعبير الأجيال الصاعدة عن رؤيتها للعالم دون وصاية أو خوف. هاجر فراحتية، المولودة سنة 2007، أصبحت اليوم رمزًا لجيلٍ جزائريٍّ يكتب بصدق ويجادل ويؤمن بأن الكلمة قادرة على التغيير. وهي تؤكد في أكثر من تصريح أن الكتابة بالنسبة لها ليست هواية عابرة، بل مسؤولية تجاه الذات والمجتمع، وأن الأدب يمكن أن يكون أداة لبناء وعيٍ مختلف، لا مجرد ترفٍ ثقافي. بأسلوبها الصادق والواعي، استطاعت هاجر أن تحوّل تجربتها الشخصية إلى نصٍّ جماعي يعكس هموم وتطلعات المراهقين في زمنٍ سريع التحوّل. كتبت عن القلق والحرية والهوية، فحوّلت ما يعتبره البعض هشاشة المراهقة إلى طاقة فكرية ملهمة. وبذلك أثبتت أن الأدب يمكن أن يكون في يد الجيل الجديد وسيلة لاكتشاف الذات والدفاع عنها، وأن المراهقة حين تُكتب بوعيٍ تصبح مدرسةً في النضج لا مرحلةً عابرة في العمر.اكتشاف المزيد من المؤشر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
العقرب الملائكي.. رواية تكشف الوجه الخفي لمعاناة المرأة بين القيد والنهضة
تطرح الكاتبة غنّام جمعة في روايتها الجديدة “العقرب الملائكي” عملاً سردياً لافت…







