أعلن وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، نور الدين واضح، عن طموح كبير يتمثل في سعي الجزائر لاحتلال المرتبة الأولى عالميًا من حيث عدد الأنشطة المنظمة خلال الأسبوع العالمي للمقاولاتية لسنة 2025. وهو تصريح يعكس إرادة واضحة لإبراز الجزائر في مجال الابتكار وريادة الأعمال، ويُظهر أن الدولة تسعى إلى منح هذا القطاع مكانته الحقيقية داخل المنظومة الاقتصادية الجديدة.

غير أن هذا الطموح، مهما كان مشروعًا، يحتاج إلى رؤية أكثر توازنًا بين الكمّ والكيف. فعدد الأنشطة أو المشاريع مؤشر مهم بلا شك، لكنه ليس المؤشر الحاسم لقياس حيوية المقاولاتية ولا قدرتها على خلق الثروة. فالمؤسسات التي تُسجَّل ولا تعمل، أو تلك التي تتوقف بسرعة، لا تضيف شيئًا للاقتصاد الوطني، بل تُثقل المنظومة وتبتعد بها عن الواقع.

وفي الوقت الذي نثمّن فيه الجهود المبذولة لفتح المجال أمام الشباب وإطلاق روح المبادرة، نأمل أيضًا أن يكون التركيز أكبر على المشاريع القابلة للاستمرار والنجاح، وعلى بناء مؤسسات حقيقية، منتجة، قادرة على خلق القيمة ومواكبة المنافسة. فالاقتصاد الجزائري بحاجة إلى مؤسسات قوية لا كثيرة، وإلى مشاريع ناجحة لا مجرد أرقام تُعلن في المناسبات.

لقد أكد الوزير على أهمية الجامعة ومراكز التكوين والإبداع في دعم هذا المسار، وهذا توجه إيجابي يستحق التشجيع، لكن النجاح الحقيقي يتطلب كذلك تعزيز آليات المرافقة والتمويل، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتوفير بيئة أعمال تنافسية تخلق شروط النجاح بدل الاكتفاء بزيادة عدد المبادرات.

وباختصار، نرحب بالطموح الذي عبّر عنه السيد الوزير، ونأمل أن يُستكمل هذا التوجه بتركيز أكبر على جودة المشاريع وفعالية المؤسسات. فالنجاح لا يقاس بعدد الأنشطة المسجلة، بل بعدد المؤسسات التي تتحول فعلاً إلى كيانات إنتاجية تساهم في خلق الثروة وتدفع عجلة التنمية الوطنية. بهذا التوازن فقط، يمكن للجزائر أن تنتقل من مرحلة الإعلان عن المبادرات… إلى مرحلة صناعة الإنجازات.